الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص373
وفيه وجه آخر ؛ أنه لا يثبت النسب بتصديقه لما فيه من الضرر العائد على سيده ، بأن يصير بعد عتقه موروثا بالنسب ، دون الولاء وفيه ضرر على السيد في إبطال ميراثه بالولاء .
قال الماوردي : وجملته أن مقيم البينة بجميعها إذا تورع فيها بإقامة البينة في نصفها ، فقد سلم له نصفها ، لأنه لا تنازع فيه ، ولا تعارض ، وإنما تتعارض بينتاهما في النصف الآخر ، فيكون تعارضهما فيه على الأقاويل الثلاثة :
أحدها : إسقاطهما فيه ، ويخلص لصاحب الكل النصف ، ولا يحمل على القولين إذا ردت الشهادة في البعض ، أن ترد في الكل ، لأن مقيم البينة بالنصف قد سلم لصاحب الكل النصف ، فخرج من النزاع ولم يفتقر إلى البينة فعلى هذا لا يخلو صاحب اليد من أحد أمرين : إما أن يدعيها ملكا ، أو لا يدعيها .
فإن ادعاها ملكا ، زال ملكه عن نصفها المحكوم به لمدعي الكل وفي رفع يده عن النصف الآخر الذي تعارضت فيه البينة ، حتى سقطت وجهان :
أحدهما : تقر في يده ، ولا تنتزع لسقوط البينتين بالتعارض ، ويصير فيه خصما للمتنازعين .
والوجه الثاني : أن تنتزع من يده ، لاتفاق البينتين على عدم ملكه ، وليس تعارضهما من حقه ، وإنما تعارضهما في حق المتنازعين وهي غير متعارضة في حق صاحب اليد ، وإن لم يدعها ملكا رفعت يده ، لتنازع غيره في ملكها ، لتوقف على المتنازعين فيه ، فيتحالفان على النصف ، الذي وقع فيه التعارض عند إسقاط البينتين فيه ، فإن حلفا جعل بينهما وصار لمدعي الكل ثلاثة أرباعها ولمدعي النصف ربعها ، وإن نكلا حكم لصاحب الكل بالنصف وكان النصف الباقي موقوفا ، وإن حلف أحدهما ، ونكل الآخر ، قضى به للحالف منهما دون الناكل ، فإن كان الحالف صاحب الكل ، قضى له بجميع الدار وإن كان صاحب النصف كانت الدار بينهما .
والقول الثاني : يقرع بينهما مع التعارض ، فإن قرعت بينة صاحب الكل سلم إليه جميع الدار ، وفي إحلافه قولان ، وإن قرعت بينة صاحب النصف ، جعلت الدار بينهما ، نصفين ، وفي إحلافه قولان ويدفع عنها صاحب اليد ، سواء ادعاها ملكا أو لم يدعها .