الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص371
أحدها : أن يكون بالغا عاقلا ، فتعتبر حاله فإن أنكر الرق ، وقال أنا حر ، فالقول قوله مع يمينه ، ولا تقبل دعوى واجده في ادعائه ، لأن الأصل الحرية ، والرق طارىء ، فكان الظاهر معه فلو عاد بعد إنكاره للرق ، فأقر لواجده بالرق لم يقبل إقراره وكان على الحرية حتى يقيم مدعيه بينة برقه ، لأن من أقر بالحرية لم يقبل إقراره بالرق وإن كان هذا أقر بالرق حين أخذه الواجد ، وأنكر أن يكون مملوكا لهذا الواجد المدعي لرقه ، فلا اعتبار بإنكاره ، لأن العبد لا يد له على نفسه ، ويقر في يد مدعيه ، لأنه ليس له منازع فيه ويجبر العبد على المقام معه ، فإن حضر من ادعاه ، ونازعه فيه كان للأول يد ، وليس للثاني يد ، فيكون القول فيه قول الأول مع يمينه لثبوت يده قبل منازعته إلا أن يقيم الثاني بينة ، فيحكم أنه عبد للثاني ، لأن البينة أولى من اليد ، فإن أقام الأول بينة كان أحق به من الثاني ، لأن للأول بينة داخل ، وللثاني بينة خارج .
ولو تنازعه في الحال رجلان ، ولم يكن لأحدهما عليه يد ، وأقام كل واحد منهما بينة بأنه عبده ، فصدق العبد أحدهما لم تترجح بينته بتصديقه ، وتعارضت فيه البينتان ، فيكون على الأقاويل الثلاثة .
ولو تنازعه رجلان ، ولا بينة لأحدهما فصدق أحدهما في رقه ، وكذب الآخر ، وأنه مملوك له دون الآخر ، كان عبدا للمصدق منهما دون المكذب .
وقال أبو حنيفة : يكون عبدا لهما يشترك فيه المصدق ، والمكذب ، لأنه قد صار باعترافه بالرق لأحدهما مملوكا ولا اعتبار باعتراف المملوك ، وإنكاره .
وهذا ليس بصحيح ، لأنه حر في الظاهر ، وإنما صار مملوكا باعترافه فاقتضى أن يكون مملوكا لمن أعترف به .
ولو كان معترفا بالرق قبل اعترافه لأحدهما ، ثم صدق أحدهما وكذب الآخر كان بينهما .