الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص369
التي في يد عمرو وبينة عمرو شهدت له بملك الجارية التي في يد زيد فلم يكن فيها تعارض في الملك ، وإن تعارضتا في الولادة فيحكم لكل واحد منهما ببينته وتسلم الجارية التي في يد زيد إلى عمرو ، والجارية التي في يد عمرو إلى زيد ، ولا يكون تعارضهما في الولادة موجبا لتعارضهما في الملك ، وكان التعارض في الولادة أقوى ، ولا يحمل على رد البينة في الكل ، إذا ردت في البعض ، لأن الولادة هاهنا لم تؤثر في الحكم فكان وجودها كعدمها ، ولو كانت المسألة بحالها ، فادعى كل واحد منهما على صاحبه ، فقال : أنا مالك للجارية التي في يدي ، والجارية التي في يدك ، وهي بنت الجارية التي هي في يدي ، وأقام على ذلك بينة صارت الشهادتان متعارضتين في الولادة والملك جميعا ، لأنه يستحيل أن تكون كل واحدة منهما بنت الأخرى ، فتعارضت في الولادة ، ويستحيل أن تكون الجاريتان معا ملكا لكل واحد منهما ، فتعارضت في الملك ، فتكون على الأقاويل الثلاثة في تعارض البينتين ، فإن زال الاشتباه في سن الجاريتين بان من يحق أن تكون بنت الأخرى لصغر سنها ، وكبر الأخرى ، تعين بها كذب إحدى البينتين في الولادة ، فردت شهادتهما في الملك ، وحكم بشهادة الأخرى في الولادة والملك ، وزال به حكم التعارض .
وحكم أبو حنيفة لكل واحد منهما ، بما في يد صاحبه ، لأنه يقضي ببينة الخارج على بينة الداخل ، ولو كان كل واحد منهما يدعي تلك الشاة ، وأنها نتجت في ملكه ، وأقام بها بينة وأمضى أبو حنيفة على أنه يحكم لكل واحد منهما بملك ما في يده ، لأنه موافق على القضاء ببينة الداخل في النتاج ، ويخالف في غيره ، فيقضي ببينة الخارج في غير النتاج .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا شهدوا أن هذا الغزل من قطن زيد ، كانت شهادة بملك زيد للغزل ، لأنه عين القطن وإن غيرته الصنعة ، بخلاف شهادتهم أن هذه الجارية بنت أمته لأنها غير أمته .
وهكذا لو شهدوا أن هذا الثوب من غزل زيد كانت الشهادة له بملك الثوب ، لأنه القطن بعينه ، وإن تغير بالغزل والنساجة .