الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص367
ملكه ، وفي الصوف أنه من غنمه جز في ملكه ، قضى له بملك الجارية والثمرة ، والصوف لأن من ملك أصلا ، ملك ما حدث عنه من النماء .
ألا ترى أن المغضوب منه يستحق نماء ملكه مع استرجاء أصله ، فصارت الشهادة بهذا شهادة بالملك ، وسببه ، فكانت أوكد من الشهادة ، بمجرد الملك .
فإن قيل : فهذه شهادة بملك متقدم ، وليست شهادة بملك في الحال ، فصار كشهادتهم أم هذه الجارية كان مالكا لها في السنة الماضية ، فلا يوجب ذلك أن يحكم له بملكها ، فكذلك في الولادة .
قيل : قد نص الشافعي أن الشهادة بقديم الملك لا توجب الملك في الحال والشهادة بقديم الولادة والنتاج يوجب الملك في الحال فاختلف أصحابه في اختلاف النصين مع تشابه الأمرين فكان البويطي ، وابن سريج ، يحملانه على اختلاف قولين :
أحدهما : يحكم بالملك في الشهادة بقديم الملك ، والشهادة بالولد ، والنتاج على ما نص عليه في النتاج ، استصحابا لثبوته .
والقول الثاني : أنه لا يحكم له بالملك في الشهادة بقديم الملك ، والشهادة بالولد ، والنتاج ، على ما نص عليه في الشهادة بقديم الملك ، لأن الملك المتقدم قد يزول بأسباب فلم توجب ثبوت الملك في الحال .
وكان أبو إسحاق المروزي ، وأبو علي بن أبي هريرة ، وأكثر المتأخرين ، يمنعون من تخريج ذلك على قولين ، ويحملون جواب الشافعي على ظاهره في الموضعين ، فيحكمون له بملك الولد والنتاج ، إذا شهدوا له بحدوث الولادة ، والنتاج في ملكه ، ولا يحكمون له بملكهما ، إذا شهدوا له بقديم ملكه ، وفرقوا بينهما من وجهين :
أحدهما : أنهم شهدوا في الولادة والنتاج بأنه نماء ملكه ، ونماء ملكه لا يجوز أن يكون لغيره ، كما لو شهدوا له بغصب ماشية نتجت ، ونخل أثمرت ، ملك به النتاج ، والثمرة ، وليس كذلك شهادتهم بقديم الملك ، لتنقل أحواله من مالك إلى مالك .
والثاني : أن النتاج لما لم يتقدمه فيه مالك ، صار في تملكه أصلا ، وقديم الملك ، لما تقدمه فيه مالك ، صار في تملكه فرعا وحكم الأصل أقوى من حكم الفرع .
فإن قيل : فليس يمتنع أن يحدث الولد لغير مالك الأم كالموصي إذا وصى بأمته لزيد وتحملها لعمرو ، فإنها تلده في ملكه ، وليس يملكه .
قيل : هذا نادر أخرجته الوصية عن حكم أصله ، فصار كالاستثناء الذي لا يمنع جوازه من استعمال أصله على العموم قبل وروده .