پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص363

وأما الفصل الثاني : فهو أنه جعل الشهادة عليه بمشاهدة العقدين ، كالشهادة على إقراره بالعقدين ، ولو قامت البينتان على إقراره بالعقدين ، لزمه الثمنان ، سواء أقر بهما في وقت ، أو وقتين ، كذلك الشهادة عليه بمشاهدة العقدين تقتضي أن تكون موجبة لالتزام الثمنين ، سواء كانتا في وقت ، أو وقتين وهذا الجمع بينهما في الوقت الواحد فاسد ، لأنه يصح أن يقر في الوقت الواحد بعقدين ، ولا يصح أن يباشر في الوقت الواحد فعل عقدين ، فصح الإقرار بهما في الوقت الواحد ، لإمكانه ، وبطل العقد عليه في الوقت الواحد ، لامتناعه . وقد يجوز أن يكون في الإقرار تعارض في موضع ، وهو أن تتفق الشهادتان على أنه أقر مرة واحدة لواحد ، ثم اختلفا فيمن أقر له ، فشهدت إحداهما أن إقراره كان لزيد ، وشهدت الأخرى أن إقراره كان لعمرو ، فتتعارض الشهادتان في الإقرار ، كما تعارضت في العقد ، فيحمل تعارضهما على الأقاويل الثلاثة في الموضعين .

( مسألة )

: قال الشافعي رحمه الله : ‘ ولو أقام رجل بينة أنه اشترى منه هذا العبد الذي في يديه بألف درهم وأقام العبد البينة أنه سيده الذي هو في يديه أعتقه ولم يوقت الشهود فإني أبطل البينتين لأنهما تضادتا وأحلفه ما باعه وأحلفه ما أعتقه ( قال المزني ) قد أبطل البينتين فيما يمكن أن تكون فيه صادقتين فالقياس عندي أن العبد في يدي نفسه بالحرية كمشتر قبض من البائع فهو أحق لقوة السبب كما إذا أقاما بينة والشيء في يدي أحدهما كان أولى به لقوة السبب وهذا أشبه بقوله ‘ .

قال الماوردي : وصورتها في عبد في ملك سيده ، ادعاه رجل أنه ابتاعه بألف درهم دفعها إليه ، وأقام به بينة ، وادعى العبد أن سيده أعتقه في ملكه ، وأقام به بينة فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون في البينتين تاريخ يدل على تقدم إحداهما على الأخرى ، فيحكم بشهادة المتقدمة دون المتأخرة ، فإن تقدم البيع على العتق ، حكم به مبيعا ، وأبطل أن يكون معتقا ، لأنه أعتقه بعد زوال ملكه عنه بالبيع ، وإن تقدم العتق على البيع ، حكم بعتقه وبطل بيعه ، لأنه باعه بعد زوال ملكه عنه ، بالعتق ، وأخذ برد الثمن على مشتريه ، لقيام البينة بعتقه .

والضرب الثاني : أن لا يكون في البينتين بيان يدل على تقدم إحداهما على الأخرى ، إما لإطلاقهما ، وإما لتاريخ إحداهما ، وإطلاق الأخرى ، وإما لاجتماعهما في التاريخ على وقت واحد فتضاد اجتماعهما فيه ، فتصير البينتان في هذه الأحوال الثلاث متعارضتين وهي في اجتماع التاريخ متكاذبتين ، وفي إطلاقه غير متكاذبتين ،