الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص362
صدقها ، حكم عليه لكل واحد بثمنه فيلزمه لهما ثمنان ، لإمكان ابتياعه من كل واحد منهما ، وإن صدق أحدهما ، وكذب الآخر ، لزمه ثمنه للمصدق ، وحلف المكذب ، وبرىء بيمينه وإن نكل عنها ردت على المكذب ، وحكم له عليه بالثمن إذا حلف فيصير ملتزما لثمنه في حق الأول بإقراره ، وملتزما بثمنه في حق الثاني بيمينه .
والقول الثاني : الإقراع بين البينتين ، والحكم لمن قرع منهما ، ويبطل حكم المقروعة بالقارعة ، وفي إحلاف من قرعت بينته . قولان : يحلف في أحدهما إن جعلت القرعة مرجحة للدعوى ، ولا يحلف في القول الآخر إن جعلت مرجحة للبينة .
والقول الثالث : استعمال البينتين ، وقسم الثوب المبيع بينهما نصفين ، فيصير كل واحد منهما بائعا لنصفه بنصف الثمن فيكون الثمن بينهما ، كما جعل الثوب بينهما ، ولا خيار لمشتريه لأن الصفقة لم تتبعض عليه ، وإنما تبعضت في حق بائعة فإن طلب كل واحد من البائعين ، إحلاف المشتري بعد استعمال البينتين كان له إحلافه ، لأنه لو صدقه لزمه دفع الباقي من ثمنه .
أحدهما : وهو قول الأكثرين : أنه يحمل على الإمكان ، ويقضى على المشتري بالثمنين ، لجواز أن يكون إطلاقهما في وقتين .
وإذا أمكن استعمال البينتين على الصحة ، لم يجز أن يحملا على التعارض .
والوجه الثاني : انه يحمل إطلاقهما على التعارض في وقت واحد ، لأن الأصل براءة ذمة المشتري فلا يضمن بأمر محتمل ، وإذا حكم بتعارضهما على هذا الوجه كان على الأقاويل الثلاثة :
أحدها : إسقاطها .
والثاني : الإقراع بينهما .
والثالث : استعمالهما .
أحدهما : إيجاب الثمنين فإن أراد به مع اختلاف الوقتين فهو صحيح مسلم ، وإن أراد مع اجتماع العقدين في وقت واحد فهو باطل مردود لامتناعه .
وإن أراد به مع الإطلاق ، فهو أصح الوجهين ، وإن تورع فيه .