الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص355
البيعين ، وأخذ البائع برد الثمنين جاز له أن يستأنف الدعوى ، وهذا كله إذا لم يكن في البينة الشاهدة بالبيع شهادة للبائع ، بملك المبيع ، فأما إذا شهدت له بملك ما باع ، فإن عارضهما صاحب اليد ببينته ، كانت بينة صاحب اليد أولى ، لأنها بينة داخل قد تلتها بينة خارج وإن لم تكن لصاحب اليد بينة رفعت يده ، وثبت أن البائع باع ملكه ، وإن كانت الشهادة بملكه في إحدى البينتين حكم بالبيع ، دون الملك ورجع بالثمن وبطل حكم التعارض فيهما .
وإن شهدت بينة كل واحد منهما بالملك والبيع ، ثبت حكم التعارض فيهما ، وكان على الأقاويل الثلاثة ، وقد أطلنا هذه المسألة باستيفائها ، لأنها من الأصول في الدعاوى .
قال الماوردي : وهذه المسألة الثانية التي يجتمع فيها بائعان ، ومشتريان وصورتها أن يتنازع رجلان في ثوب يدعي أحدهما أنه اشتراه من زيد ، وهو مالكه بثمن سماه ونقده إياه ، ويقيم على ذلك بينة بالملك ، والبيع ، ويدعي الآخر أنه اشتراه من عمرو ، وهو مالكه بثمن سماه ونقده إياه ، ويقيم على ذلك بينة بالملك والبيع فلا يخلو الثوب من خمسة أحوال :
أحدها : أن يكون في يد أحد المتبايعين .
والثاني : أن يكون في أيديهما .
والثالث : أن يكون في يد أحد المشتريين .
والرابع : أن يكون في أيديهما .
والخامس : أن يكون في يد أجنبي .
فأما الحالة الأولى : وهو أن يكون الثوب في يد أحد المتبايعين فبينته أرجح وجها واحدا ، لأنها بينة داخل تندفع بها بينة خارج فيصح بيعه ، ويؤخذ بتسليم الثوب إلى مشتريه منه . ويبطل بيع الآخر ، ويؤخذ برد الثمن على مشتريه منه ، ولا يمين للبائع الآخر ، ولا للمشتري على من ترجحت بينته من البائع والمشتري ، لأن الحكم ثبت لهما بالبينة ، ترجيحا باليد ولا يمين مع البينة .