الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص351
بائعا لغير ملك فيرجع الثاني على البائع بالثمن . لقيام البينة بقبضه له ويكون الأول أحق بالدار ولا يدل ذلك على ملكه في الدار ، لأنه قد يجوز أن يكون البائع غير مالك حتى يقول الشهود أنه باعها ، وهو مالكها ، أو يقولوا إنها لهذا المشتري بابتياعها من هذا البائع ، فتدل له الشهادة بأحد الأمرين على ملك المشتري ، وصحة عقده ، وإن لم يكن في البينتين بيان على تقدم أحد العقدين ، وذلك يكون من أحد ثلاثة أوجه إما أن لا يكون في واحد منهما تاريخ ، أو تؤرخ إحداهما دون الأخرى ، أو تؤرخ كل واحدة منهما إلى وقت واحد ، لا يتقدم إحداهما على الأخرى ، فيكون بيان التقدم معدوما على الوجوه الثلاثة وإذا كان كذلك لم تخل حال الدار من أربعة أحوال :
إحداها : أن تكون في يد البائع .
والثانية : أن تكون في يد أحد المشتريين .
والثالث : أن تكون في أيديهما .
والرابع : أن تكون في يد أجنبي .
أحدهما : وهو قول أبي إبراهيم المزني وأبي العباس بن سريج ، أن تصديق البائع لإحداهما مقبول ، تترجح به بينته ، لأنه أصل ذو يد فعلى هذا يرجع إلى بيانه في أي العقدين تقدم ولا يرجع إلى بيانه أيهما باع ، لأنه قد ثبت عليه البيعان بالبينة ، فيرجع إليه بالتقدم منهما ، فإذا بين أحدهما التقدم كان البيع له ، ولا يمين على الآخر ، لأنه لو رجع عن قوله لم يقبل ، وليس يغرم للآخر القيمة ، وإنما يرد عليه الثمن ، فلذلك لم تلزمه اليمين ، وإن أنكر أن يكون عنده بيان ، أحلف وكان لكل واحد منهما أن يحلفه يمينا تخصه ، لأنه لو بين بعد إنكاره قبل منه فلذلك لزمته اليمين . فإن جمع بين المشتريين في البيان ، لم يكن فيه بيان ، لأنه بيانه في التقدم ، ويستحيل أن يكون كل واحد منهما متقدما على الآخر في حاله .
وقال أبو حامد الإسفراييني ، تكون الدار بينهما بتصديقه لهما .
فإن قال ذلك وهو يرى أن بيان البائع مقصور على المتقدم بالعقد فقد وهم لاستحالة اجتماعهما في التقدم ، وإن قاله ، لأنه يرى أنه يرجع إلى بيان البائع لأيهما باع فهو ارتكاب مذهب لا يقتضيه المذهب لما بيناه .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن خيران ، وعامة أصحابنا أن تصديق البائع لأجل يده ، غير مقبول ، في ترجيح بينة أحدهما ، لاتفاق البينتين على زوال ملكه ،