الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص348
عليهما ملك لغيره ، فصار النتاج بهذا الفرق أقوى من قديم الملك ، فلذلك رجحت البينة بالنتاج قولا واحدا ، وكان ترجيحها بقديم الملك على قولين . وهكذا لو تنازعا ثوبا ، وأقام أحدهما ، البينة على أنه له نسجه في ملكه ، وأقام الآخر البينة على أنه له ، ولم يقولوا نسجه في ملكه . كان كالبينة بالنتاج على ما قدمناه من الشرح .
فأما إذا شهدت بينة أحدهما بسبب الملك من الابتياع ، أو ميراث وشهدت الأخرى بالملك من غير ذكر سببه ، فيكون الترجيح بذكر السبب كالترجيح بقديم الملك ، فيكون على قولين :
أحدهما : أن النسج ملحق بالنتاج وذكر السبب ملحق بقديم الملك .
فأما إذا أفادت زيادة على ما أفادته اليد ، فإنه يقدمها على بينة الخارج ، وقد أفادت هذه البينة زيادة على ما أفادته يده ، فلذلك قدمها على بينة الخارج ، وعلى قول أبي يوسف ، ومحمد ، تكون بينة الخارج أولى في الأحوال كلها .
وذهب أبو إسحاق المروزي ، ومن تابعه من أصحاب الشافعي : إلى أن الترجيح بقديم الملك أولى من الترجيح باليد ، فيكون على قولين أحدهما يحكم بقديم الملك إذا رجحت به البينة ، والثاني يحكم لصاحب اليد إذا لم تترجح به البينة ، واحتج في ترجيح قديم الملك على الترجيح باليد ، بأنه لو شهدت بينة مدع أن هذه الدار كانت له بالأمس حكم له بملك الدار في اليوم استدامة لملكه ، ولو شهدت له أنها كانت في يده بالأمس لم يحكم له باليد في اليوم ، ولم يوجب استدامة يده .
وهذا خطأ من قائله ، لأن البينة تزاد لإثبات اليد ، فإذا ترجحت إحداهما باليد ، وافقت موجبها ، وخالفت موجب الأصل ، فكذلك ترجحت البينة بها ، وهذا المعنى موجود في قديم الملك وحديثه .