پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص340

والثالث : أن لا وارث له غيرهما على ما سنصف فتكمل البينة إذا شهدت بهذه الثلاثة ، وبكمالها يوجب انتزاع الدار ممن هي في يده ، ويدفع إلى الحاضر حقه منهما وهو النصف حصة الغائب ، وهي النصف على قدومه ، واعترافه وتؤخر حصته حفظا لمنافعها عليه ، ولا تقر حصة الغائب في يدي من كانت في يديه ، وهو قول أبي يوسف ومحمد .

وقال أبو حنيفة : تقر حصته في يدي من كانت في يده ، ولا تنتزع منه ، لأن البينة لا تسمع بملك إلا بعد صحة الدعوى . والدعوى لا تسمع إلا من مالك ، أو وكيل فيه ، ولم يدع حصة الغائب مالك ولا وكيل فلم تسمع البينة له ، وليس كون الحاضر شريكا له في الميراث بموجب لسماع البينة في حقهما ، كالشريكين الأجنبيين ، إذا أقام أحدهما البينة بدار في شركتها انتزع بها حق الحاضر ، وأقر حق الغائب في يدي من كانت في يديه ، كذلك يجب أن يكون في شركة الميراث .

ودليلنا : هو أن هذه الدعوى هي للميت ، سمعت من وراثه ، لقيامه مقامه فيها بعد موته بدليل أنه لو كان على أبيه دين قضى منها فوجب انتزاعهما في حق الميت ، وإعطاء الحاضر حصته منها ، ووقف الباقي على الغائب ، وخالف الشريكين الأجنبيين من وجهين :

أحدهما : أن الشريك مالك بنفسه لا عن غيره ، فكانت الدعوى في حقه موقوفة عليه ، والابن مدع لها عن أبيه الذي لا تصح منه الدعوى ، إلا بعد موته ، فجاز أن يستوفي بها جميع حقه .

والثاني : أن حق كل واحد من الأخوين ، مرتبط بحق الآخر لا يتميز أحدهما بشيء ، دون صاحبه ، لذلك كان ما تلف من الشركة تالفا منها ، وما بقي شركة بينهما ، وحق الشريكين كالمتميز مع الخلطة ، يجوز أن يتلف لأحدهما ما يسلم للآخر ، فافترق بهذين حكم الأخوين ، وحكم الشريكين ، وإذا كان كذلك ، وقدم الآخر الغائب ذكر له الحاكم ، ما حكم له بميراثه من نصف الدار ، فإن ادعاها سلم إليه نصفها وإن أنكرها وقال : لا حق لي فيها ، رد النصف على من في يده ، ولم يؤثر إنكاره في حق أخيه ، لأنه قد ملك بينة عادلة .

( فصل )

: فأما إذا ما ادعاه الابن ، وأقام عليه البينة دينا في الذمة سلم إليه حقه منه ، وهو النصف ، وفي قبض حصة الغائب من الغريم وجهان :

أحدهما : يقبض ويوضع على يد أمين كما تقبض الأعيان من الدار ، وما لا يثبت في الذمة من ثياب وحيوان .