الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص334
والقسم الثالث : أن تسقط البينتان ، ولا يحكم بواحدة منهما فتكون الدار مقرة في يد صاحب اليد ملكا .
فإن قيل : فهلا انتزعت من يده ، وأزيلت عن ملكه ، لاجتماع البينتين على أنها للميت دونه قيل : لأنه لما لم يكن فيهما بيان لمستحقيها من أحد الابنين ، سقط الحكم بهما في الدار ، كما سقط الحكم بهما لأحد الابنين ، وصارا كشاهدين شهدا على دار في يدي رجل ، أنها لأحد هذين الرجلين وجب إقرارها في يده ، وإن شهدت البينة عليه بعدم ملكه ، لأن الشهادة لم تعين مستحقها ، فبطلت كذلك في مسألتنا .
أحدها : وترجع إلى صاحب اليد فإن صدق أحدهما دفعها إليه وفي وجوب اليمين عليه ، للمكذب قولان :
أحدهما : لا يمين عليه ، إذا قيل : إنه لو أقر لم يغرم .
والثاني : عليه اليمين إذا قيل : إنه لو أقر غرم ، وإن صدقها دفع الدار إليهما ، وهل يحلف لكل واحد منهما على قولين . وإن كذبهما وادعاها لنفسه ، حلف لهما ، وأقرت الدار على ملكه ، ولا يكون قيام البينة بملكها لكل واحد من الأبوين موجبا لزوال ملكه ورفع يده ، لما ذكرنا من اشتباه مستحقها .
والقول الثاني : في الأصل الإقراع بين البينتين والحكم بها لمن قرع منهما ، وفي إحلافه مع القرعة ، قولان ولا تنتزع الدار إلا بعد القرعة ، لأن بالقرعة تمتاز البينة المستحقة فإن جعلت اليمين بعد القرعة شرطا في الاستحقاق لم تنتزع إلا بعد يمينه ، وإن لم تجعل شرطا انتزعت بغير يمين .
والقول الثالث : استعمال البينتين ، وقسم الدار بينهما نصفين ، وهذا متفق على تخريجه في هذا الموضع ، وإن اختلف في تخريجه في المسألة المتقدمة ، لأنه لا يستحيل أن تكون الدار مشتركة بين أبويهما ، فجاز أن تقسم بينهما كسائر الأموال التي يجوز فيها الاشتراك ، ولا يستحيل بخلاف الميراث المستحق عن شخص يستحيل أن يموت مسلما كافرا .