پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص331

فإذا قسم بينهما علمنا قطعا أن أحدهما قد أعطى ما لا يستحقه ، ومنع الآخر مما يستحقه وإن لم يتعين وليس كالمال الذي يصح اشتراكهما في سببه ، فيشتركان في تملكه .

وكذلك الطائر إذا رمياه ، جاز أن يكون تكامل إثباته برميهما فصح فيه اشتراكهما ، وجعل ما نص عليه الشافعي هاهنا في أحد الأقاويل من قسمة بينهما أنه حكاه عن مذهب من يراه ، وهو مذهب من قال من أهل العراق بتوريث الغرقى بعضهم من بعض ، ولم يحكه عن نفسه ، لأنه لا يرى ذلك في الغرقى وقد تكلم على ضعفه ، ووهائه ، فقال : لو قسمت كنت لم أقض لواحد منهما بدعواه ، ولا ببينته وكنت على يقين خطأ ، ينقص من هو له عن كمال حقه ، وإعطاء الآخر ما ليس له .

( فصل )

: وأما القسم الثالث : وهو أن تكون الشهادة بالإسلام مطلقة ، وبالنصرانية مقيدة ، وهو أن يقول شهود المسلم أن أباه مسلم ، ويقول شهود النصراني ، إن أباه مات على دين النصرانية ، قائلا بالتثليث عند خروج روحه ، فلا تعارض في الشهادتين لأنه قد يسلم ، ثم يرتد بعد إسلامه إلى النصرانية ، فتصح الشهادتان ، ويحكم بارتداده بعد الإسلام ، فلا يرثه واحد من ابنيه ويكون ماله فيئا لبيت المال ، لأن المرتد لا يرثه مسلم ولا نصراني .

( فصل )

: وأما القسم الرابع : أن تكون الشهادة بالإسلام مقيدة ، وبالنصرانية مطلقة فيقول شهود المسلم إن أباه مات على دين الإسلام قائلا بالشهادتين عند خروج روحه ، ويقول شهود النصراني إن أباه نصراني فلا تعارض في شهادتهما لحدوث إسلامه بعد نصرانيته ، فيكون ميراثه للمسلم دون النصراني . فأما إذا كانت شهادتهما على ما ذكر في مسألة الكتاب إن شهد شهود المسلم أن أباه مات مسلما وشهد شهود النصراني أن أباه مات نصرانيا ، فقد اختلف أصحابنا هل تحمل هذه الشهادة على التقييد ، أو على الإطلاق ؟ على وجهين :

أحدهما : أنها محمولة على التقييد ، لأن كل واحدة منهما شهدت بدينه عند الموت .

فعلى هذا تكون الشهادتان متعارضتين . فتكون محمولة على الأقاويل المذكورة في القسم الثاني .

والوجه الثاني : أنها محمولة على الإطلاق ، لأنهما استصحبا ما تقدم من حاله ، ولم يقطعا بدينه عند خروج روحه .