الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص329
( باب الدعوى في الميراث من اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى )
( مسألة )
: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولو هلك نصراني وله ابنان : مسلم ونصراني فشهد مسلمان للمسلم أن أباه مات مسلما وللنصراني مسلمان أن أباه مات نصرانيا صلى عليه فمن أبطل البينة التي لا تكون إلا بأن يكذب بعضهم بعضا جعل الميراث للنصراني ومن رأى الإقراع أقرع فمن خرجت قرعته كان الميراث له ومن رأى أن يقسم إذا تكافأت بينتاهما جعله بينهما وإنما صلى عليه بالإشكال كما يصلي عليه لو اختلط بمسلمين موتى ( قال المزني ) أشبه بالحق عندي أنه إن كان أصل دينه النصرانية فاللذان شهدا بالإسلام أولى لأنهما علما إيمانا حدث خفي على الآخرين وإن لم يدر ما أصل دينه والميراث في أيديهما فبينهما نصفان وقد قال الشافعي لو رمى أحدهما طائرا ثم رماه الثاني فلم يدر أبلغ به الأول أن يكون ممتنعا أو غير ممتنع جعلناه بينهما نصفين ( قال المزني ) وهذا وذاك عندي في القياس سواء ‘ .
قال الماوردي : وتفصيل هذه المسألة في اختلاف الاثنين في دين الأب ، أنها على ضربين :
أحدهما : أن يعرف دين الأب .
والثاني : أن لا يعرف . فإن عرف دين الأب أنه نصراني فترك ابنين مسلما ونصرانيا ، وادعى المسلم أن أباه مات مسلما ، فهو أحق بميراثه ، وشهد له بذلك شاهدان عدلان .
وادعى النصراني أن أباه مات نصرانيا ، وهو أحق بميراثه ، وشهد له بذلك شاهدان عدلان فقد اختلفت الشهادتان واختلافهما إذا أمكن فيه القضاء فلم يتعارضا ، فإذا علم فيه التكاذب تعارضتا ، ولا يخلو حال هاتين الشهادتين من أربعة أقسام :
أحدها : أن تكون مطلقتين .
والثاني : أن تكونا مقيدتين .
والثالث : أن تكون الشهادة بالإسلام مطلقة ، وبالنصرانية مقيدة .