پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص322

وقيل له : قد توجه عليك جواب عدلت عنه ، فإن أقمت على هذا ، جعلت ناكلا وأحلف المدعي ، وحكم له بانتزاع الدار من يدك ، فإن عاد فادعاها لنفسه بعد إنكاره ، ففي قبول قوله وجهان حكاهما ابن سريج .

أحدهما : لا يقبل قوله بعد إنكاره ؛ لأنه قد اعترف بها لغيره ويجعل كالناكل ، ويحلف مدعيها ، ويحكم بها له .

والوجه الثاني : يقبل قوله فيها ، لأنه لم يتعين فيها من جعلها له ، فصار إقراره كعدمه . فيحلف عليها أنها له ، ويحكم له بالدار لأجل يده ، إلا أن يكون لمدعيها بينة فتسمع منه ، ويحكم بها له ، وإن سمى صاحب اليد من جعل الدار له ، وقال : هي لفلان ، لم يخل أن يكون حاضرا ، أو غائبا .

فإن كان حاضرا لم يخل حاله أن يقبل الإقرار أو ينكره ، فإن قبل الإقرار ، صارت اليد له ، وانتقلت الخصومة إليه وتوجهت عليه الدعوى ، فإن أنكر مدعيها ، حلف له وكان أحق بالدار بيمينه ويده ، إلا أن يقيم مدعيها بينة ، فيحكم بها له ببينته ؛ لأنها أولى من يد ، ويمين .

فإن أقام صاحب اليد البينة صار أحق بها ببينته ، ويده من بينة بغير يد .

فإن طلب مدعيها إحلاف صاحب اليد عليها ، بعد أن حكم بها للمقر له ، ففي إجابته إلى إحلاف صاحب اليد قولان مبنيان على اختلاف القولين ، فيمن أقر بدار في يده لزيد ، ثم أقر بها لعمرو ، وكان زيد أحق بها من عمرو بالإقرار الأول ، وهل يؤخذ المقر بغرم قيمتها لعمرو بالإقرار الثاني ؟ على قولين :

أحدهما : يؤخذ بغرم قيمتها لعمرو ، لأنه قد استهلكها عليه بإقراره . لزيد ، فعلى هذا إيجاب المدعي إلى إحلاف صاحب اليد ، لأنه لو أقر له لزمه الغرم .

والقول الثاني : لا غرم عليه ، لبقاء الدار وتوجه المطالبة بها .

فعلى هذا لا يحلف صاحب اليد ولا يستحق عليه بالنكول غرم .

( فصل )

: فإن لم يقبل من جعلت له الدار إقرار صاحب اليد وأنكرها ، لم يخل حال صاحب اليد من أن يكون مقيما على إقراره ، أو راجعا عنه .

فإن أقام على إقراره بها لمن أنكرها ، ولم يقبلها طولب مدعيها ببينته ، فإن أقامها ، حكم له بالدار ، وإن عدمها ففيه وجهان :

أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج أن الحاكم ينصب لها أمينا يحفظها على مالكها ، حفظ اللقطة ، حتى تقوم البينة بها ، إما لمدعيها ، أو لغيره فيحكم بها له ،