الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص318
ويقول المكتري ، بل أكتريت منك جميع هذه الدار شهر رمضان ، بعشرة فإن عدما البينة تحالفا ، وبدأ الحاكم بإحلاف المكري ، كما يبدأ بإحلاف البائع .
فإن حلف أحدهما فنكل الآخر قضى للحالف منهما على الناكل .
وإن حلفا معا فقد تساويا ، ولم يترجح أحدهما على الآخر ، فوجب أن يبطل العقد بينهما ، وفيما يبطل به العقد وجهان :
أحدهما : يبطل بنفس التحالف كما يرتفع نكاح المتلاعنين بنفس اللعان ، حتى يحكم الحاكم بإبطاله ، لأن التحالف لتصحيح العقد دون إبطاله فوجب أن يبطل بالحكم لأجل التعارض .
فعلى هذا لا يجوز للحاكم أن يحكم بإبطاله إلا بعد أن يعرض على كل واحد منهما إمضاء ما حلف عليه صاحبه .
فيقول للمكتري : قد حلف المكري على ما ادعى ، فتمضيه ؟
فإذا قال : لا . ؟ قال للمكري قد حلف المكتري على ما ادعى فتمضيه ؟
فإذا قال : لا ، حكم بالفسخ بينهما .
ولو تراضيا على ما ادعاه أحدهما أمضاه على ذلك ، وإذا امتنعا من الإمضاء ، وحكم بينهما بالفسخ ففي انفساخ العقد بينهما وجهان :
أحدهما : ينفسخ في الظاهر والباطن كما لو فسخه بتحالفهما .
والوجه الثاني : ينفسخ في الظاهر دون الباطن ، لأن حكم الحاكم لا يحيل الشيء عما هو عليه .
وينظر في التحالف فإن كان قبل مضي شيء من المدة استرجع المكتري أجرته ، واسترجع المكري داره ، وإن كان بعد مضي المدة ، أو بعضها لزم المكتري أجرة مثل سكناه ، لاستهلاكه لمنفعتها عن عقد قد حكم بفساده .
أحدهما : أن تحضر البينة قبل التحالف ، فتسمع ويمنع حضورها من التحالف ، لأن البينة أولى من اليمين .
والضرب الثاني : أن تحضر البينة بعد التحالف فيكون سماعها محمولا على ما أوجبه التحالف من فسخ العقد .
فإن قيل : إنه قد انفسخ به العقد ظاهرا وباطنا لم تسمع البينة .