الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص310
وقسم مختلف في وجوب الكشف عن سببه .
فأما الذي لا يجب الكشف عن سببه : فالأملاك المدعاة من عين ، أو دين ، فالعين أن يدعي دارا أو ثوبا أو عبدا معلوما بصفة أو تعيين ، والدين أن يقول عليه ألف درهم بصفتها فلا يلزم أن يسأله عن سبب ملكه ، لما ادعاه ، ولو سأله لم يجب على المدعي ذكر سببه .
وإنما لم يجب الكشف عن سبب الملك ، لأن أسباب الملك تكون من جهات شتى بكثرة عددها ، لأنه قد يملك بالميراث والابتياع وبالهبة والقيمة وبالوصية وبغير ذلك من الوجوه كالإجباء وحدوث النتاج والثمار فسقط الكشف عن سببها لكثرتها واختلافها .
وأما القسم الذي يجب الكشف عن سببه ، فدعوى القذف والقتل ، فإن ادعى قتلا قيل أعمد أم خطأ ؟
فإن قال : عمد سئل عن صفة العمد ، وإن ادعى قذفا سئل عن لفظ القذف ، لأن القتل يختلف حكم عمده ، وخطئه ، وقد يدعى من العمد ما لا يكون عمدا ، ولما في العمد من اختلاف أسبابه ، وأحكامه وفي الحكم به قبل السؤال فوات ما لا يمكن استدراكه ، والقذف قد تختلف ألفاظه وأحكامه فافتقر ذلك إلى كشف السبب ، وصفته ليزول عن الاحتمال وصار كالشاهد إذا شهد بفسق مجروح ، أو نجاسة ماء لم يحكم بنجاسته حتى يذكر سبب ما صار به المجروح ، فاسقا ، والماء نجسا للاختلاف في التفسيق والتنجيس .
أحدهما : أن يكون مما يغلظ حكمه في الشرع ، كالنكاح المغلظ بالولي والشاهدين ، فالحكم مندوب عند الشافعي أن يسأل مدعي النكاح عن صفته ، فيقول نكحتها بولي وشاهدي عدل ، ورضاها ، فاختلف أصحابه فيما خص به النكاح من صفة العقد ، هل هو محمول على الوجوب أو على الاستحباب على ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه محمول على الاستحباب دون الوجوب سواء ادعى العقد فقال :