الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص307
حكاه الشافعي في القديم ، فخرجه بعض أصحابه قولا ثانيا ، ونفاه أكثرهم عنه .
وحكي عن الأوزاعي أنه قال : اقسم الشيء المشهود فيه على عدد البينتين ، فإذا كانت إحداهما شاهدين والأخرى أربعة قسمت المشهود فيه أثلاثا ، فجعلت لصاحب الشاهدين سهما ، ولصاحب الأربعة سهمين .
فأما مالك فاستدل بما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : عليكم بالجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الجماعة أبعد ‘ ، ولأن النفس إلى زيادة العدد أسكن ، وبقوة العدالة أوثق ، ولذلك رجحت بها أخبار الرسول ، إذا تعارضت ، فوجب أن ترجح بها الشهادات إذا تعارضت .
وأما الأوزاعي ، فاستدل له بأن المشهود فيه مستحق بقولهم ، فاقتضى أن يكون مقسطا على عددهم .
والدليل على التسوية بينهم أن الله تعالى نص على عدد الشهادة بقوله : ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم ) [ البقرة : 282 ] وبقوله تعالى : ( وأشهدوا ذوي عدل منكم ) [ الطلاق : 2 ] فمنع النص من الاجتهاد في الزيادة ، والنقصان .
ولأن لما جاز الاقتصار على الشاهدين مع وجود من هو أكثر ، وعلى قبول العدل مع من هو أعدل ، دل على أن لا تأثير لزيادة العدد ، وزيادة العدالة .
ولأن ما تقدر بالشرع لم يختلف حكمه بالزيادة والنقصان كدية الحر ، وما تقدر بالاجتهاد ، اختلف حكمه بالزيادة والنقصان ، كقيمة العبد ، وبهما فرقنا في الأخبار المتعارضة بين زيادة العدد ، ونقصانه ، لعدم النص في عدده وسوينا في الشهادات المتعارضة ، بين الزيادة والنقصان ، لورود النص في عدده وفيما ذكرناه انفصال عما استدلوا به .
وقول الأوزاعي أوهى ، لأنه لو ثبت الحق بشهادة عشرة ، ثم ثبت قضاؤه بشاهدين قضى بهما على شهادة العشرة ، ولم يقسط القضاء على العدد كذلك في إثبات الحق ، وهو حجة ، على مالك أيضا .
أحدهما : أنهما سواء لأن الحق يثبت بكل واحدة منهما .
والقول الثاني : وهو أصح أن الشاهدين يقوم على الشاهد ، واليمين ، لأمرين :
أحدهما : أن التهمة متوجهة في اليمين ، وغير متوجهة في الشهادة .