الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص306
أحدهما : تسمع ويسقط الاستدلال .
والوجه الثاني : لا تسمع .
والفرق بينهما أنه لا تسمع بينته ، مع عدم بينة الخارج ، لأنه مستغن عنها بيمينه .
وأما بينة المدعى عليه ، فإن شهدت بالملك المقيد المضاف إلى سببه سمعت ، وإن شهدت له بالملك المطلق من غير إضافة إلى سببه ، ففي سماعها منه قولان :
أحدهما : وهو قوله في القديم لا تسمع منه لجواز أن تشهد له بالملك لأجل اليد التي قد زال حكمها ، ببينة المدعي .
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد تسمع منه لأن الظاهر من الشهود إذا أطلقوا أنهم لا يشهدون له بالملك عن يد ، قد علموا زوالها ببينة المدعي ، إلا وقد علموا غيرها من الأسباب الموجبة للملك ، فحملت شهادتهم على ظاهر الصحة ، فإذا سمعت بينة المدعي وسمعت بينة المدعى عليه ، على ما وصفنا فقد تعارضت البينتان فوجب أن يحكم للمدعى عليه دون المدعي ، وفي وجوب استحلافه على الحكم له بالملك قولان ، مبنيان على اختلاف قول الشافعي فيما يوجبه تعارض البينتين ، فأحد قوليه أنهما يسقطان بالتعارض ، وتقر يد المدعى عليه ، فيحكم له بيده مع يمينه .
والقول الثاني : أن بينة المدعى عليه قد ترجحت بيده ، فأسقطت بينة المدعي ببينته ، فحكم له بالبينة من غير يمين ترجيحا باليد ولم يحكم له باليد .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا أقام كل واحد من المتداعيين بينة على ما تنازعاه من العين ، ولم يكن لواحد منهما يد ، وترجحت بينة أحدهما على بينة الآخر ، بكثرة العدد ، وكانت بينة أحدهما شاهدين ، وبينة الآخر عشرة ، أو ترجحت بزيادة العدالة ، فكانت بينة أحدهما أظهر زهدا ، وأوفر تحرجا فهما في التعارض سواء ، ولا يغلب الحكم بالبينة الزائدة في العدد والعدالة ، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه .
وقال مالك : المرجحة بزيادة العدد ، وقوة العدالة أولى ، والحكم بها أحق .