الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص305
فأما الجواب عن قوله ( ص ) : ‘ البينة على المدعي واليمنين على المدعى عليه ‘ فمن وجهين :
أحدهما : ما قدمناه في الاستدلال به عليهم ، بأنه قد صار كل واحد منهما مدعيا .
والثاني : أنه لا يمتنع أنه يحمل قوله : ‘ البينة على المدعي ‘ أنها تسمع من المدعى عليه على المدعي ، واليمين على المدعى عليه أنها تسمع على المدعي لأن قوله على مقتضى ظاهره . أن يكون متوجها إلى من سمعت منه البينة ، وسمعت عليه اليمين ، فيكون الخبر محمولا على تأويلين مستعملين ، ثم أكثر ما فيه أن يكون عاما في جنس الأيمان والبينات ، والعموم يجوز تخصيص بعضه فيخص هذا بأدلتنا .
وأما الجواب عن قولهم أن اليد موجبة للملك ، فلم يستفد صاحبها بالبينة ، ما لم يستفده بيده فمن وجهين :
أحدهما : أن اليد تدل على الملك ، ولا توجبه ، لأن اليد قد تكون لغصب ، أو أمانة ، أو إجارة فلم توجب الملك دون غيره ، وإن كانت في الظاهر محمولة عليه مع اليمين ، والبينة موجبة للملك بغير يمين . فصار مستفيدا بالبينة ، ما لا يستفيده بيده من وجهين :
أحدهما : أنها أوجبت الملك واليد لا توجبه .
والثاني : أنها أسقطت اليمين ، واليد لا تسقطها .
والجواب الثاني ما قدمناه أن بينة المدعي ، قد رفعت يده في الحكم ، فاستفاد بالبينة إقرار يده على الملك .
وأما الجواب عن قولهم ، إنه لما لم تسمع بينة المدعى عليه في الدين لم تسمع بينته في اليمين فمن وجهين :
أحدهما : ما قدمناه من أن البينة في الدين ، في جهة المدعي تكون على الإثبات ، ومن جهة المدعى عليه تكون على النفي ، والبينة ، تسمع على الإثبات ، ولا تسمع على النفي ، وهي على الأيمان موجبة للإثبات في الجهتين فسمعت منهما .
والجواب الثاني : أنها تسمع البينة في الدين من جهة المدعى عليه ، إذا شهدت بالقضاء ، فصارت مسموعة من الجهتين .
وأما الجواب عن قولهم إنه لما لم تسمع بينته ، مع عدم بينة الخارج ، كان أولى أن لا تسمع مع وجود بينة الخارج ، فهو أن لأصحابنا في سماعها وجهين ذكرناهما :