پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص303

لسبب وسواء فيما ذكر سببه مما يتكرر كصناعة الأواني ، وما ينتج من الخز مرة بعد أخرى ، لو كان مما لا يتكرر سببه كالنتاج ، وثياب القطن ، والكتان ، وبه قال مالك من أهل المدينة وقال به من أهل العراق شريح ، والنخعي ، والحكم بن عيينة .

وقال أبو حنيفة وأصحابه : إن كان التنازع في ملك مطلق ، أو مما يتكرر سببه لم تسمع بينة صاحب اليد ، وقضى ببينة المدعي ، وإن كان مما لا يتكرر سمعت بينة صاحب اليد في الأحوال كلها ، وسموا المدعي خارجا ، وصاحب اليد داخلا ، فقال : تسمع بينة الخارج ، ولا تسمع بينة الداخل ، واستدلوا على ذلك بقول النبي ( ص ) ‘ البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ‘ فأضاف البينة إلى جنبة المدعي وأضاف اليمين إلى جنبة المدعى عليه بحذف الألف واللام الموجب لاستغراق الجنس ، فاقتضى أن لا تنتقل البينة إلى المدعى عليه ، ولا تنتقل اليمين إلى المدعي .

ولأن اليمين موجبة للملك فلم يستفد صاحب اليد بالبينة ما لا يستفيد بيده وبينة المدعي يحكم بها مع يد المدعى عليه ، فوجب أن يحكم بها مع بينته ، لأن بينته لم تعد إلا ما أفادته يده ، ثم اليد أقوى من البينة ، لأن اليد تدل على الملك مشاهدة والبينة تدل على الملك استدلالا فافترقا ولأنه لما لم تسمع بينة الداخل في الدين لم تسمع في العين لاستوائهما في حق الخارج في القبول ، فوجب أن يستويا في حق الداخل في الرد .

قالوا : ولأنه لما لم تسمع بينة الداخل إذا لم يقم الخارج البينة مع قوة الداخل ، وضعف الخارج كان أولى أن لا تسمع بينة الداخل إذا أقام الخارج البينة مع ضعف الداخل ، وقوة الخارج لأن من لم تسمع بينته مع قوته ، كان أولى أن لا تسمع مع ضعفه .

ودليلنا رواية جابر أن رجلين اختصما إلى رسول الله ( ص ) في دابة ، أو بعير ، وأقام كل واحد منهما البينة أنها له بنتجها فقضى بها رسول الله ( ص ) للذي هي في يده فدل على قبول بينة الداخل ، فإن قيل فبينة الداخل في النتاج مقبولة .

قيل : وجه الدليل أنه قضى ببينة الداخل تعليلا باليد ، ولأن النبي ( ص ) قال : ‘ البينة على المدعي ‘ وقد صار كل واحد منهما مدعيا للعين ، وإن لم يصر مدعيا للدين ، فوجب بهذا الخبر ، أن تسمع بينة كل واحد منهما .

ولأن جنبة الخارج ، أضعف من جنبة الداخل ، فلما سمعت لليد مع الضعف كان سماعها مع القوة أولى .