الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص282
قال الماوردي : هذه المسألة مصورة في الوصية بالعتق وفيها دليل على أن المراد بالأولى الوصية بالعتق ، ولا يمنع ذلك أن يذكر حكم العتق الناجز والموصى به جميعا .
والزيادة في هذه المسألة أن يشهد أجنبيان أنه أوصى بعتق عبده سالما قيمته الثلث ، ويشهد وارثان أنه رجع عن الوصية بعتق سالم وأوصى بعتق غانم وقيمته الثلث . ويشهد وارثان أنه رجع عن الوصية بعتق سالم وأوصى بعتق غانم ردت شهادتهما وإن كانا عدلين ، ولا ترد فيه شهادة الأجنبيين للحوق التهمة بالوارثين لعوده إلى ميراثهما .
فأما إذا شهدا أنه رجع عن الوصية بعتق سالم وأوصى بعتق غانم وهي في القيمة سواء قبلت شهادتهما في الرجوع عن الوصية بعتق سالم وفي الوصية بعتق غانم .
وزعم بعض العراقيين أنها تقبل في الوصية بعتق غانم ولا تقبل في الرجوع عن عتق سالم لأمرين :
أحدهما : أنها لما ردت في الرجوع لو انفردت ردت فيه إذا اقترنت بغيره .
والثاني : لدخول التهمة عليه من وجهين :
أحدهما : أن يكون سالم أكثر كسبا فيتملكاه .
والثاني : أن يكون غانم لا وارث له غيرهما فيرثاه ، وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أنهما لو شهدا بالوصية ولم يشهدا بالرجوع صحت شهادتهما وتعين العتق بالقرعة في أحدهما ، فجاز أن يتعين فيه بشهادتهما .
والثاني : أن الواجب بالوصية إخراج الثلث من العتق ، وشهادتهما بالرجوع لا يمنع منه ، لأن تعيينه في أحدهما ينفي التهمة عنهما من وجهين :
أحدهما : أن المعتبر هو القيمة وقد التزماها .
والثاني : أن ما ظن بهما من طلب الكسب والميراث ليس بموجود في الحال وقد يكون من بعد وقد لا يكون ، فلم يجز أن يعتبر به التهمة في الحال ، وقال الشافعي : ‘ لو أبطلت شهادتهما لذلك لأبطلتها لذوي أرحامهما ‘ .