الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص274
والدليل على نقض الحكم بفسقه كما ينقض برقه شيئان :
أحدهما : أن اشتراط العدالة نص ، واشتراط الحرية اجتهاد ، فإن نقض الحكم بمخالفة المشروط بالنص لاجتهاد ، كان أولى أن ينقض لمخالفة المشروط بالنص .
والثاني : أن العبد مقبول الخبر ، والفاسق مردود الخبر ، والشهادة كالخبر ، فلما نقض الحكم بشهادة من يقبل خبره ، كان أولى أن ينقض بشهادة من يرد خبره .
وأما الجواب عن قوله : إن الرق مقطوع به والفسق مجتهد فيه ، فهو أنهما إذا صارا معلومين ، صار الرد بالفسق مقطوعا به . والرد بالرق مجتهدا فيه . فكان بالعكس أحق .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا وجب نقض الحكم برد الشهادة إما لفسق أو لرق أو كفر ، فسواء . ولا يخلو الحكم من أن يفضي إلى استهلاك أو لا يفضي .
فإن لم يفض إلى استهلاك لم يتعلق بنقضه ضمان ، وكان نقضه معتبرا بالحكم .
فإن كان في عقد نكاح عقد بشاهدين فبانا عبدين ، أو كافرين ، أو فاسقين . افتقر إلى حكم الحاكم بنقضه ، لأن مالكا يجيز عقد النكاح بغير شهود إذا أعلن .
وإن كان في إثبات نكاح اختلف فيه الزوجان ، فإن بان فسق الشاهدين حكم بنقضه ولم ينقض بظهور فسقهما إلا أن يحكم به لخلاف أبي حنيفة فيه وفرق بين الزوجين فيه بعد يمين الزوجة المنكرة .
وإن بان كفر الشاهدين أظهر نقض الحكم ولم يفتقر نقضه إلى حكم لوقوعه منتقضا لرد شهادتهما بالنص المجمع عليه .
وإن بان رق الشاهدين ، فهل يفتقر نقضه إلى الحكم به أم لا ؟ على وجهين مبنيين على الاختلاف في شهادته هل ردت بظاهر نص ، أو إجماع عن ظاهر اجتهاد ظاهر أو على ما قدمنا .
وهكذا في كل حكم نفذ بشهادتهم يكون الحكم بنقضه معتبرا بأحوال شهوده في اختلافهم في الوجوه الثلاثة في الرق والكفر والفسق فيحتاج إلى الحكم بنقضه في الفسق ، ولا يحتاج إلى الحكم بنقضه في الكفر ، وفي احتياجه إلى الحكم بنقضه في الرق وجهان .