الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص268
بالاستهلاك ، ولا يجوز للشهود أن يرجعوا به على المشهود له إذا غرموا ، ولا تسمع دعواهم عليه لما سبق من اعترافهم له بالحق .
والحال الثانية : أن يكون الدين المقبوض باقيا في يد المشهود له ، فقد اختلف أصحابنا هل يكون في حكم الدين أم في حكم العين ؟ على وجهين : أحدهما : أن يكون في حكم العين لبقاء عينه ، ولا يرجع على الشهود بغرمه على الصحيح من المذهب .
والوجه الثاني : أن يكون في حكم المستهلك من الدين لتعلقه بالذمة فيرجع على الشهود بغرمه .
فإن رجعوا جميعا وكانوا شاهدين كان على كل واحد منهما نصف الدين . ولو وإن كانوا شاهدا وامرأتين ، كان على الرجل نصف الدين ، لأنه نصف البينة ، وكان على كل واحدة من المرأتين ربع الدين لأنها ربع البينة .
ولو كان الشهود ثلاثة رجال ، كان على كل واحد منهم ثلث الدين ، لأنه ثلث البينة ولو كانوا عشرة كان على كل واحد منهم عشر الدين ، لأنه عشر البينة .
ولو كانوا رجلا وعشر نسوة كان على الرجل سدس الدين وعلى كل واحدة من النسوة نصف سدس الدين ، وبه قال أبو حنيفة .
وقال أبو يوسف ومحمد : على الرجل نصف الدين ، لأنه نصف البينة وعلى كل واحدة من النساء نصف عشر ، لأنها نصف عشر البينة وبه قال أبو العباس بن سريج .
وهذا خطأ ، لأن كل امرأتين تقومان مقام الرجل ، فصار النساء العشر كخمسة رجال ، فإذا اقترن بهم رجل صاروا معه كستة رجال ، يلزم كل واحد منهم سدس الدين ، فاقتضى أن يلزم الرجل سدس الدين ويلزم كل امرأتين سدسه ، فتختص كل واحدة بنصفه .
وإن رجع بعض الشهود دون جميعهم ، فعلى ثلاثة أضرب :
أحدهما : أن لا يزيدوا على عدد البينة ، ويكونوا رجلين فيرجع أحدهما ، فعليه نصف الدين ، لأنه نصف البينة ، وإن كانوا رجلا وامرأتين ولو رجعت واحدة من المرأتين ، فعليها ربع الدين ، لأنها ربع البينة .