الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص267
المشهود له ، ثم رجع الشهود ، لم يجز أن ينتزعها من المشهود له لنفوذ الحكم بها . والحكم لا ينتقص برجوعهم .
فأما وجوب غرمها على الشهود ، فالذي نص عليه الشافعي فيها وذكره هنا وفي غيره من الكتب لا رجوع على الشهود بغرمها .
وقال فيمن أقر بدار في يده أنه غصبها من زيد ثم قال : لا بل غصبتها من عمرو : إنها تكون لزيد لتقدم الإقرار بها له ، وهل يجب قيمتها لعمرو أم لا ؟ على قولين :
وكذا قال في عبد أعتقه من هو في يده ، ثم أقر بغصبه من عمرو ، هل يغرم قيمته لعمرو أم لا ؟ على القولين .
ورجوع الشهود كرجوع المقر بالغصب فاختلف أصحابنا في الجمع بينهما على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج وطائفة : أنهما سيان ، وفي غرم الشهود إذا رجعوا قولان :
أحدهما : عليهم غرم قيمة العين ، وهو المخرج ، وبه قال أبو حنيفة لاستهلالكها على مالكها حكما ، فصار كاستهلاكها عليه ، فعلى هذا في قيمتها وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج عليهم قيمتها يوم الحكم بشهادتهم .
والوجه الثاني : عليهم أكثر قيمتها من يوم الحكم بشهادتهم إلى وقت رجوعهم . فهذا حكم القول الأول .
والقول الثاني : وهو المنصوص عليه : لا غرم عليهم ، لأن الأعيان تضمن بواحد من أمرين : إما بإتلاف أو بيد ، ولم يكن من الشهود إتلاف العين لبقائها ، ولا يد لعدم تصرفهم فيها . فسقط غرمها عنهم .
والوجه الثاني : من مذهب أصحابنا : وهو قول أكثرهم ، أنه لا غرم على الشهود قولا واحدا . وإن كان في غرم المقر بالغصب قولان لوقوع الفرق بينهما بأن للغاصب يدا صار بها ضامنا ، وليس للشهود يد يضمنون بها فافترق حكمها .
أحدهما : أن يكون قد استهلكه المشهود له ، فعلى الشهود غرمه لتلف العين