الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص263
فاقتضى من مذهبنا أن ينظر في حال الزوج ، فإن وصل إلى الاستمتاع بزوجته بمساعدتها له على ما أباحها الله تعالى في الباطن ، فلا رجوع للزوج بمهرها على الشهود إذا رجعوا ، لئلا يجمع بين الاستباحة والرجوع بالمهر .
وإن لم يصل إلى الاستمتاع بها ، لامتناعها عليه تمسكا بظاهر التحريم ، رجع على الشهود بمهرها لتفويتهم عليه بضعها .
ويتفرع على هذا أن يشهد شاهدان على رجل بقذف امرأته بالزنا فيلاعن الحاكم بينهما ، ثم يرجع الشاهدان ، واللعان في الظاهر على نفاذه في وقوع الفرقة وتحريم الأبد ، فأما نفوذه في الباطن فمعتبر بحال الزوج ، فإن أمن حد القذف حين لاعن باختياره ، فلا رجوع له على الشهود لوقوع الفرقة بلعانه .
وإن خاف من حد القذف ، لم تقع الفرقة في الباطن ، ولا رجوع له على الشهود إن أمكنته من نفسها ، ويرجع عليهم إن منعته والله أعلم .
أحدهما : أن يكون الطلاق ثلاثا .
والثاني : دون الثلاث .
فإن كان ما شهدوا به من الطلاق فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون بعد الدخول : فعليهم ضمان جميع المهر يقسط بينهم على أعدادهم ، فإن شهد به اثنان ، كان على كل واحد منهما نصفه ، وإن شهد به ثلاثة ، كان على كل واحد منهم ثلثه .
والضرب الثاني : أن تكون شهادتهم بالطلاق قبل الدخول ، فقد اختلفت الرواية عن الشافعي في قدر ما يلزم الشهود :
فروى عنه المزني أن عليهم ضمان جميع المهر .
وروى عنه الربيع أن عليهم ضمان نصفه ، واختاره المزني .
فاختلف أصحابنا في اختلاف ما نقلاه ، فخرجه أكثرهم على قولين :
أحدهما : عليهم نصف المهر ، وهو مذهب أبي حنيفة لأمرين :
أحدهما : لأنه قدر ما التزم .