الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص262
قيل : حقه في الاستمتاع باق ببقاء النكاح ، وقد أبطلوه بشهادتهم في الحالتين فضمنوه فيها .
ودليل ثان : أن الإحالة بين الزوج وبضع امرأته إذا لم يفتقر إلى خلو العقد من مهر ، فهو موجب لضمان المهر ، كما لو أرضعت زوجته الكبيرة زوجته الصغيرة ضمنت الكبيرة مهر الصغيرة .
وقد وافقوا على ذلك إذا قصدت الكبيرة تحريم الصغيرة .
فإن قيل : فبفعل الكبيرة قد حرمت عليه نفسها ، ولا يلزمها مهرها .
قيل : لأنه لو لزمها مهرها ، لأفضى إلى خلو العقد من مهرها ، ولا يفضي هذا إلى خلو عقد الصغيرة من مهرها ، فلذلك ضمنت الكبيرة مهر الصغيرة ، ولم تضمن مهر نفسها .
فإن قيل بعد هذا : لو قتلها لضمنت ديتها ، ولا تضمن مهرها .
قيل : ضمان المنافع تسقط بضمان أعيانها ، فأوجب ضمان ديتها سقوط مهرها .
ودليل ثالث : أنه لما كان لدخول البضع في ملك الزوج قيمة وجب أن يكون لخروجه عن ملكه قيمة اعتبارا بسائر الأموال ، فإن منعوا أن يكون لخروجه عن ملكه قيمة بما ذكروه ودللنا عليه بجواز الخلع على البضع ، فإنه يملك به العوض ، ولا يجوز أن يملك العوض في مقابلة ما ليس له عوض .
ثم نجيب عما استدلوا به من أنه لا قيمة لخروجه عن ملكه .
وأما قولهم أنه لو طلقها في مرضه لم يكن من ثلاثة ، ولو كانت مالا لكانت من ثلثه لعتقه ، فهو أننا نعتبر ما كان منتقلا إلى ورثته بعد موته ، والزوجة لا تنتقل إليهم بعد الموت .
فلذلك لم تعتبر من الثلث ، وإن كان بضعها ملكا له كأم الولد لو أعتقها في مرضه لم تكن من ثلثه وإن كانت ملكا ، لأنها لا تنتقل بعد الموت إلى ورثته ، وهكذا لو طلقها في مرضه وقد أحاط دينه بتركته بعد طلاقه وإن لم ينفذ عتقه ، لأنها لا تنتقل إلى الغرماء كعتق أم الولد ، وخالف عتق العبد القن الذي يصرف في ديونه لو لم يعتق .