الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص261
من غير الشافعي ومعنى قوله المعروف أن يطرح عنهم ذلك بنصف مهر مثلها إذا لم يكن دخل بها ‘ .
قال الماوردي : قد مضى الكلام في رجوع الشهود عما اختص بالأبدان من الأقسام الثلاثة وهذه المسألة هي القسم الثاني في رجوعهم عما اختص بالأحكام وهو شيئان : الطلاق والعتق .
فأما الطلاق : فهو أن يشهدوا على رجل بطلاق الثلاث ، فيفرق الحاكم بينهما ، ثم يرجع الشهود ، فهي ممنوعة من الزوج بعد نفوذ الحكم بطلاقها وعلى الشهود مهر مثلها للزوج .
وقال مالك ، وأبو حنيفة : لا ضمان على الشهود .
استدلالا : بأنه ليس لخروج البضع عن ملك الزوج قيمة ، ولو كان مقوما بمهر المثل في ملكه ، لوجب إذا طلق زوجته في مرض موتها ، أن يكون مهر مثلها محسوبا من ثلثه ، كما لو أعتق عبده في مرضه ، ولوجب إذا طلقها وقد أحاط دينه بتركته أن لا يقع طلاقه ، كما لم ينفذ عتقه وهذا مدفوع فدل على أنه لا قيمة له في خروجه من ملكه كما لا قيمة له فيما استهلكه عليه من غير ذي قيمة .
والدليل على وجوب ضمانه ، أن عقد النكاح بعد الدخول أقوى وقبله أضعف ، لارتفاع العقد بالردة قبل الدخول ، ووقوفه على انقضاء العدة بعد الدخول ، ووافقونا على تضمين الشهود إذا شهدوا بالطلاق قبل الدخول ، فكان أولى أن يضمنوا إذا شهدوا به بعد الدخول .
وتحرير هذا الاستدلال قياسا ، أنها شهادة بطلاق فرق بين الزوجين فاقتضى أن يكون الرجوع عنها موجبا للضمان كالشهادة قبل الدخول .
فإن قيل : فالمال قبل الدخول معرض للسقوط بردتها ، وبالفسخ إذا كان من قبلها ، وهو بعد الدخول مستقر لا يسقط بحال ، فإذا شهدوا بالطلاق قبل الدخول فقد أثبتوا به صفة المعرض للسقوط فضمنوا ، وإذا شهدوا به بعد الدخول لم يكن معه معرضا للسقوط فلم يضمنوا .
قيل : عكس هذا أولى ، لأن الصداق واجب بالعقد ، فإذا شهدوا بالطلاق قبل الدخول فقد أسقطوا بها نصف الصداق ، وإذا شهدوا به بعد الدخول لم يسقطوا به شيئا من الصداق ، فكان ضمانهم بعد الدخول أقوى من ضمانهم قبله .
فإن قيل : فهو بعد الدخول قد استوفى حقه من الاستمتاع ، فلم يضمنوا وقبل الدخول لم يستوفه فضمنوا .