الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص257
الأول ، وقال : لو علمت أنكما تعمدتما لقطعتكما .
وقال أحمد بن حنبل ، عن مطرف ، عن الشعبي عن علي عليه السلام غير مرفوع أن رجلين شهدا عند علي رضي الله عنه بخبر مرفوع .
وقد رواه مع سفيان أسباط عن مطرف هذا وليس لهذين الإمامين مخالف في الصحابة فثبت بهما الإجماع .
ويدل عليه من الاعتبار ، أن كل إتلاف ضمن بالمباشرة ضمن بالشهادة كالأموال .
ولأن الشهادة إلجاء ، فوجب أن يضمن به النفوس بالقود كالإكراه .
فأما الجواب عن استدلال أبي حنيفة بأن الشهادة سبب يسقط به القود ، كحفر البئر . ففاسد بالإكراه ، ثم حفر البئر لم يقصد به القتل فسقط به القود ، والشهادة مقصود بها القتل .
وأما الجواب عن استدلال مالك بالحاكم ، فهو أن الحاكم لزمه الحكم بالشهادة فلم يضمن ، والشاهد متبرع بالشهادة فضمن بها .
أحدها : أن يشكو فيها بعد استيفاء الحق بها ، أو يقولوا لعلنا أخطأنا فيها ، فهذا قدح في الضبط لا يتغير به حكم الشهادة بعد نفوذ الحكم بها ، ولا ضمان عليهم به ، لأن الضمان لا يجب بالشك .
والقسم الثاني : أن يرجعوا جميعا عنها ، فيسألهم الحاكم عن شهادتهم هل تعمدوها أو أخطأوا فيها ؟ لاختلاف حكم العمد والخطأ في القتل .
ولهم في الجواب عنه ثمانية أحوال :
أحدها : أن يقولوا : عمدنا كلنا ليقتل بشهادتنا ، فالقود على جميعهم واجب ، لأنهم قتلة عمد .
والحال الثانية : أن يقولوا : عمدنا كلنا وما علمنا أن الحاكم يقتله بشهادتنا ، فهم أهل جهالة بمثله ، فهذا منهم قتل عمد شبه الخطأ ، ولا قود عليهم ، وتؤخذ الدية منهم مغلظة لما فيه من العمد ، ومؤجلة لما فيه من الخطأ .
والحال الثالثة : أن يقولوا : أخطأنا كلنا ، فعليهم دية الخطأ مخففة ومؤجلة