الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص255
وإن كان ما شهدوا به ليس بمال ، فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون مما لا يبطل بالشبهة كالنكاح والطلاق ، فهو كالمال في نفوذ الحكم به . فلا يبطل برجوع الشهود .
والضرب الثاني : أن يكون مما يسقط بالشبهة كالحدود ، وهو على ضربين :
أحدهما : أن يكون من حقوق الله تعالى المحضة كحد الزنا وجلد الخمر وقطع السرقة فيسقط برجوع الشهود كما يسقط برجوع المقر ، لأن رجوع الشهود شبهة تدرأ بمثلها الحدود .
والضرب الثاني : أن يكون من حقوق الآدميين المحضة كالقصاص .
وحد القذف فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون مما إذا سقط بالشبهة رجع إلى الدية التي لا تسقط بالشبهة ، فليسقط برجوع الشهود ، القصاص ، ولا تسقط الدية .
والضرب الثاني : أن يكون مما إذا سقط بالشبهة لم يرجع إلى بدل ، كحد القذف ، ففي سقوطه برجوع شهوده وجهان :
أحدهما : تسقط بالرجوع ، لأنها شبهة تدرأ بمثلها الحدود .
والوجه الثاني : لا تسقط بالرجوع لأنه من حقوق الآدميين المغلظة .
وحكي عن سعيد بن المسيب ، والأوزاعي أن الحكم ينقض برجوعهم ، لأنهم بالرجوع غير شهود .
وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أن الرجوع مخالف للشهادة فلا يخلو أحدهما من الكذب ، فصار كل واحد من الشهادة وبالرجوع محتملا للصدق والكذب ، وقد اقترن بالشهادة حكم واستيفاء فلم يجز نقضها برجوع محتمل .
والثاني : أن الشهادة إلزام والرجوع إقرار بدليل أنه وارد بغير لفظ الشهادة