الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص253
قال الماوردي : وجملته أنه لا يخلو رجوع الشهود في الشهادة بعد أدائها من ثلاثة أحوال :
أحدهما : أن يرجعوا قبل نفوذ الحكم بها .
والثاني : أن يرجعوا بعد الحكم وقبل الاستيفاء .
والثالث : أن يرجعوا بعد الاستيفاء .
فأما الحالة الأولى : وهو أن يرجعوا قبل الحكم بشهادتهم ، فلا يجوز الحكم بها بعد رجوعهم ، سواء كانت الشهادة في حد لله تعالى ، أو مال لآدمي ، وهو قول جمهور الفقهاء إلا أبا ثور فإنه تفرد بإمضاء الحكم بعد رجوعهم .
وبناه على مذهبه في إمضاء الحكم بعد حدوث فسقهم ، وهذا خطأ في المذهب والبناء .
وأما خطؤه في المذهب ، فهو أنه لا يخلو حالهم في الشهادة والرجوع من أحد أمرين : إما أن يكونوا صادقين في الشهادة كاذبين في الرجوع ، أو كاذبين في الشهادة صادقين في الرجوع فوجب ردها لأمرين :
أحدهما : الجهالة بصدق شهادتهم ، فصار كالجهالة بعدالتهم .
والثاني : أنهم لم ينكفوا من الكذب في أحد قوليهم .
وأما خطؤه في البناء : فهو أن الفاسق مقيم على شهادته ويجوز أن يكون فيها صادقا . والراجع مقر أنه لم يكن في الشهادة صادقا ، فافترقا .