پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص251

على تقدمه وقت الشهادة ، ولا سيما ويتحفظ الإنسان بعد شهادته أكثر من تحفظه قبلها .

ولأن من لطف الله تعالى بعباده أن لا يهتكهم بأول الذنب ، ولذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إن الله أكرم أن يهتك عبده بأول خطيئة ، فإذا أظهرها دلت على تقدمها عليه .

ولأن ظهورها يوجب الاسترابة بما تقدمها وظهور الريبة في الشهادة يمنع من قبولها .

( [ القول في صيرورة الشهود ورثة ] )
( فصل )

: ولو شهد العدلان ثم مات المشهود له ، فورثه الشاهدان قبل الحكم بشهادتهما ، ردت الشهادة لأنهما قد صارا شاهدين لأنفسهما عند الحكم بها ولا يجوز أن يحكم للإنسان بشهادة لنفسه .

( مسألة )

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإن حكم بها وهو عدل ثم تغيرت حاله بعد الحكم لم نرده لأني إنما أنظر يوم يقطع الحاكم بشهادته ‘ .

قال الماوردي : وحدوث فسقهما بعد نفوذ الحكم بشهادتهما على ضربين :

أحدهما : أن يحدث الفسق بعد استيفاء الحق ، فلا يجوز نقض الحكم بشهادتهما سواء كان في حقوق لله تعالى أو الآدميين ، وبخلاف حدوث الفسق قبل الحكم ، لوقوع الفرق بينهما من وجهين :

أحدهما : أن الشك والاحتمال موجود في الحالين ، فلما لم يجز أن يثبت الحكم بالشك ، لم يجز أن ينقض حكمه بالشك والاحتمال ، فيكون المعنى الذي منع من الحكم بشهادتهما هو المانع من نقض الحكم النافذ بشهادتهما .

والثاني : أن تغير الحال قبل نفوذ الحكم مخالف لتغيرها بعد نفوذ الحكم . لأن الحاكم إذا اجتهد رأيه في الحكم فأداه اجتهاده إلى حكم ثم بان أن الحق في غيره ، نقضه قبل نفوذ حكمه . ولم ينقضه بعد نفوذ حكمه ، فأوجب هذا الفرق في تغير الاجتهاد قبل نفوذ الحكم وبعده . وقوع الفرق في الفسق بحدوثه قبل نفوذ الحكم وبعده .

فهذا حكم أحد الضربين في حدوث الفسق بعد استيفاء الحق أنه محمول على عموم إمضائه في جميع الحقوق .