الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص250
يقطع السارق بها خلاف الشاهدين ، لأن الشاهدين حجة كاملة فتعارض فيها قول المثبت والنافي ، والشاهد الواحد ليس حجة إلا مع اليمين ، فإذا انضمت إلى أحدهما كملت الحجة ونقصت عنها الأخرى ، فحكم بالحجة على ما ليس بحجة .
ولو شهد أحد الشاهدين أنه باعه هذا العبد بألف وشهد الآخر أنه باعه إياه في ذلك الزمان بألفين ، ففي تعارضهما وجهان على ما مضى :
أحدهما : قد تعارضتا وسقطتا .
والثاني : لا تعارض فيهما ، وللمدعي أن يحلف مع الشاهد بالألفين .
ولو شهد شاهدان أنه باعه عبدا تركيا بألف ، وشهد آخران أنه باعه عبدا روميا بألفين ، فلا تعارض في الشهادتين فيحكم له ببيع التركي بألف وبيع الرومي بألفين .
ولو اختلف شاهدان ، فشهد أحدهما أنه باعه عبدا تركيا بألف وشهد الآخر أنه باعه عبدا روميا بألفين ، فلا تعارض فيهما وله أن يحلف مع كل واحد منهما ويحكم له بعد اليمين ببيع التركي بألف والرومي بألفين .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا شهد عدلان بحق ثم فسقا قبل الحكم بشهادتهما ردت الشهادة ولم يحكم بها ، وهذا هو قول جمهور الفقهاء .
وحكي عن أبي ثور والمزني أنهما قالا : يحكم بشهادتهما ولا ترد اعتبارا بحال الأداء .
وهذا خطأ لقول [ الله ] تعالى : ( إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة ) [ الحجرات : 6 ] .
فاقتضى الظاهر أن تعتبر العدالة عند الأداء وعند الحاكم .
ولأن عدالة الباطن مظنونة ، فإذا ظهر الفسق رفع ما ظن بباطنه من العدالة ، ودل