الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص248
بالكوفة لم تكمل بهما شهادة القذف ، لأنهما قذفان لم يشهد بواحد منهما شاهدان ، وليس للمقذوف أن يحلف مع واحد منهما ، لأن القذف حد لا يثبت بالشاهد واليمين .
ولو قال أحدهما : قذفه بالعربية ، وقال الآخر : قذفه بالفارسية ، فإن كانت الشهادة على سماع القذف ، فهي شهادة على قذفين لم تكمل البينة بواحد منهما ، وإن كانت الشهادة على إقرار القاذف ، أنه أقر عند أحدهما أنه قذفه بالعربية وأقر عند الآخر أنه قذفه بالفارسية ، فقد ذكر أبو سعيد الإصطخري فيه وجهين :
أحدهما : أنهما قذفان لا تتم الشهادة بواحد منهما كما لو قال أحدهما : أقر عندي أنه قذفهما بالبصرة ، وقال الآخر : أنه أقر عندي أنه قذفهما بالكوفة .
والوجه الثاني : أن الشهادة كاملة مع اختلاف اللفظين وإن لم تكمل مع اختلاف البلدين واختلاف الزمانين .
ولا أجد لهذا الوجه في الفرق بينهما وجها .
ولو كانت الشهادة في القتل ، فشهد أحدهما أنه قتله بالبصرة ، وشهد الآخر أنه قتله بالكوفة . فإن كان قتل عمدا فالشهادة مطروحة ، وإن كان قتل خطأ ففي تعارضهما وجهان :
أحدهما : يتعارضان ويسقطان .
والثاني : يحلف مع أيهما شاء .
قال الماوردي : وهاتان بينتان اتفقتا على سرقة ثوب بعينه واختلفتا في قيمته ، فشهد اثنان أن قيمته ربع دينار ‘ تقطع فيه اليد ‘ ، وشهد اثنان أن قيمته سدس دينار لا تقطع فيه اليد ، فلا تعارض في الشهادتين وإن اختلفتا في القيمتين ، لأن الثوب واحد ، قد اتفقت عليه البينتان ، والقيمة عن اجتهاد ، اختلفت في البينتان ، ولاختلافهما وجه محتمل لا يوجب ردهما به .
فاختلف الفقهاء في اختلافهما ، هل يوجب العمل بأكثرهما أو بأقلهما في الغرم والقطع ؟