الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص245
أحدهما : أن كيس الدراهم والدنانير شهادة بمجهول ، وكبش الغنم شهادة بمعلوم .
والثاني : أن الشافعي قال في الأم : ولو قال أحدهما : إنه أقرن ، وقال الآخر إنه أجم ، وقال أحدهما إنه كبش ، وقال الآخرة نعجة وهذا من أوصاف الغنم .
فإذا شهد الشاهدان بسرقة الكبش ، فقال أحدهما : سرقه غدوة ، وقال الآخر : سرقه عشية ، أو قال أحدهما : هو أبيض ، وقال الآخر : هو أسود ، لم تتفق شهادتهما على سرقة واحدة ، لأن السرقة غدوة غير السرقة عشية ، والمسروق الأبيض غير المسروق الأسود .
وحكي عن أبي حنيفة : أن الشهادة بالبياض والسواد غير مختلفة ، لأنه يجوز أن يكون أحد جانبي الكبش أبيض وجانبه الآخر أسود ، فيرى كل واحد منهما ما إلى جانبه فيصفه به . وهذا ليس بصحيح لأمرين :
أحدهما : أن كل واحد منهما يشهد بصفة جميعه ، وهذا التأويل ينافيها .
والثاني : أنه تأويل شهادة محتملة بما بعد تأويلها ، والشهادة لا يحكم بها إلا مع انتفاء التأويل عنها .
فثبت أن شهادتهما غير متفقة على سرقة واحدة ، فلم تكمل بهما بينة توجب غرما ولا قطعا .
أحدهما : أن تكمل كل واحدة من الشهادتين مع عدم التعارض فيهما ، وهو على ضربين :
أحدهما : أن يختلف المسروق مع الإطلاق .
والثاني : أن يختلف الزمان مع الاتفاق .
فأما اختلاف المسروق مع الإطلاق ، فهو أن يشهد شاهدان أنه سرق منه كبشا أبيض ، ويشهد شاهدان آخران أنه سرق منه كبشا أسود ، فيحكم له بالشهادتين أنه سرق منه كبشين أحدهما أبيض بالشهادة الأولى ، والثاني أسود بشهادة الآخرين وليس فيهما تعارض .
وأما اختلاف الزمان مع الاتفاق ، وهو أن يشهد شاهدان أنه سرق منه في أول النهار كبشا أبيض ، ويشهد شاهدان آخران أنه سرق منه في آخر النهار كبشا أبيض ،