پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص243

والثاني : أن العدالة أصل ، والفسق حادث ، والحادث يحتاج إلى تفسير . والمعدوم لا يحتاج إلى تفسير . كمن قال : هذا الماء طاهر ، لم يستفسر عن طهارته ، ولو قال : هو نجس ، استفسر عن نجاسته [ والله أعلم ] .

( مسألة )

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولو ادعى على رجل من أهل الجهالة بحد لم أر بأسا أن يعرض له بأن يقول لعله لم يسرق ‘ .

قال الماوردي : الحقوق ضربان :

أحدهما : ما كان من حقوق الآدميين ، فلا يجوز للحاكم أن يعرض للمقر بالإنكار ، ولا يعرض للشهود بالتوقف ، سواء كان الحق في مال أو حد ، لأن حقوق الآدميين موضوعة على الحفظ والاحتياط ، ولأن المقر بها لو أنكرها لم يقبل إنكاره .

والضرب الثاني : ما كان من حقوق الله تعالى المحضة ، كالحد في الزنا والقطع في السرقة . والجلد في الخمر ، فلا يخلو حال المدعى عليه من أمرين :

أحدهما : أن يكون عالما بوجوب الحد عليه إن أقر . فيمسك الحاكم عن التعريض له بالإنكار ، حتى يبتدىء فيقر أو ينكر ، لأن التعريض لا يزيده إلا علما بوجوب الحد إن أقر وسقوطه إن أنكر .

والثاني : أن يكون من أهل الجهالة بوجوب الحد ، إما لأنه أسلم قريبا ، أو لأنه من أهل بادية نائية من جفاة الأعراب فيجوز للحاكم أن يعرض للمدعى عليه بالإنكار من غير تصريح ، فإن كان في الزنا قال له : لعلك قبلت ، أو لمست كما عرض النبي ( ص ) لماعز حين أقر بالزنا فقال : ‘ لعلك قبلت لعلك لمست ‘ .

وإن كان في حد السرقة قال : لعلك سرقت من غير حرز .

وإن عرض له بأن قال : لعلك لم تسرق ، وكانت الدعوى من صاحب المال ، لم يجز أن يعرض له بهذا ، لأن في تعريضه به إسقاطا لحقه ، وإن كانت من غير صاحب المال ، جاز أن يعرض له به .

وروي أن النبي ( ص ) أتى بسارق فقال له : ‘ أسرقت أم لا ‘ وإن كان في شرب الخمر قال : لعلك لم تشرب ، أو قال : لعلك لم تعلم أنه مسكر أو لعلك أكرهت على شرب المسكر .

وإنما جاز التعريض للمقر بما يتنبه به على الإنكار ، لأنه مندوب إلى الستر على نفسه فيما ارتكبه ، وأن يستغفر ربه لقوله ( ص ) : ‘ من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه حد الله ‘ .