الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص238
وإن قيل : إن إتيان البهيمة موجب لحد الزنا ، لم تقتل البهيمة ، ووجب في القذف بها الحد .
وإن قيل : إنه موجب للتعزير لم يجب في القذف بها حد ، وعزر القاذف كما يعزر الفاعل .
وقال أبو العباس بن سريج : يحد القاذف وإن عزر الفاعل .
وهذا فاسد ، لأن حد القذف بالفعل أخف من حد الفعل ، فلما لم يجز الفعل حد ، فأولى أن لا يجب في القذف به .
وذهب بعض فقهاء البصرة إلى إباحته في السفر دون الحضر ، لأنه يمنع من الفجور ، ويبعث على غض الطرف .
وهذا فاسد لقوله تعالى : ( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) .
فصار المستمنى منسوبا إلى العدوان ، ولأن النكاح مندوب إليه لأجل التناسل والتكاثر . قال النبي ( ص ) : ‘ تناكحوا تكاثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة حتى بالسقط ‘ .
وقال عمر رضي الله عنه : لولا الاستيلاد لما تزوجت .
والاستمناء بعيد عن الناكح ، ويمنع من التناسل فكان محظورا لكنه من صغائر المعاصي ، فينهى عنه الفاعل ، وإن عاد بعد النهي عزر ، ولا يعتبر فيه شهود الزنا ، ويقبل فيه شاهدين ، وإن استحق فيه التعزير بعد النهي ، ولا يجب في القذف به حد ولا تعزير إن لم يعزر الفاعل .
فلا يقتنع من الشهود أن يشهدوا بالزنا حتى يصفوه . لقول النبي ( ص ) ‘ العينان تزنيان وزناهما النظر واليدان تزنيان وزناهما البطش والرجلان تزنيان وزناهما المشي ويصدق ذلك ويكذبه الفرج ‘ .
ولأن النبي ( ص ) استثبت ماعزا بعد إقراره بالزنا فقال ‘ لعلك قبلت لعلك لمست ‘ قال : فعلت ، بصريح اللفظ دون كنايته .
فإذا لزم ذلك في المقر كان في الشاهد أحق .