الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص236
والثالث : عن مكانه .
فأما الفصل الأول : في السؤال عن حال الزنا .
فيسأل الحاكم شهود الزنا : عن الزنا ؟
لأن استدعاء الشهوة بالإنزال المحظور ، قد يكون من أربعة أحوال :
أحدها : الزنا بامرأة ، وهو صريح الزنا اسما وحكما ، فإذا قالوا : ‘ زنى بامرأة ‘ . لم يسمع الحاكم هذا منهم حتى يقولوا من المرأة ، لأنها ربما كانت زوجته أو أمته ، كان وطؤها حلالا ، وإن كانت ذات شبهة كان وطؤها مشتبها يسقط فيه الحد ، ولزم بيانها ليعلم أن وطأها زنا ، وبيانها يكون من أحد وجهين :
أحدهما : إما أن تعين بالتسمية لها ، أو بالإشارة إليها ، فيصيروا شاهدين عليها بالزنا .
وإما أن يطلقوا ويقولوا : زنا بأجنبية منه ، غير مسماة ولا معينة ، فتصح الشهادة عليه دونها ، ولا يلزم في الشهادة أن يقولوا : وطئها بغير شبهة ، لأنها معتقدة غير مشاهدة ، لاختصاصها بمعتقد الواطىء ، فإن ادعاها ، قبلت إذا أمكنت ، ولا يكون الشهود معها قذفة .
وهكذا لو شهدوا على امرأة بالزنا ، لم تقبل شهادتهم حتى يذكروا الزاني بها من أحد الوجهين . إما بالتسمية أو بالإشارة فيصيروا شاهدين عليهما بالزنا ، وإما أن يطلقوا فيقولوا : زنى بها أجنبي منها ، فيصيروا شاهدين عليها دونه .
فيقولوا : تلوط بغلام ، فعند أبي حنيفة لا حد فيه :
وعندنا أن الحد فيه واجب وفيه قولان :
أحدهما : أنه كحد الزنا ، وهو جلد مائة إن كانا بكرين والرجم إن كانا ثيبين .
والقول الثاني : أنه يقتل الفاعل والمفعول به سواء كانا بكرين أو ثيبين . والتلوط بالمرأة كالتلوط بالغلام ، يكون في أحد القولين موجبا لحد الزنا ، وفي القول الثاني موجبا للقتل .
أحدهما : أنه موجب للقتل . لما روي عن النبي ( ص ) : ‘ اقتلوا البهيمة ومن أتاها ‘ .
والقول الثاني : أنه موجب لحد الزنا ، وهو اختيار المزني .