الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص235
( [ باب الشهادة على الحدود وجرح الشهود ] )
( مسألة )
: قال الشافعي رحمه الله : ‘ وإذا شهدوا على رجل بالزنا سألهم الإمام أزنى بامرأة ؟ لأنهم قد يعدون الزنا وقوعا على بهيمة ولعلهم يعدون الاستمناء زنا فلا يحد حتى يثبتوا رؤية الزنا وتغييب الفرج في الفرج ( قال المزني ) رحمه الله وقد أجاز في كتاب الحدود أن إتيان البهيمة كالزنا يحد فيه قال ولو شهد أربعة اثنان منهم أنه زنى بها في بيت واثنان منهم في بيت غيره فلا حد عليهما ومن حد الشهود إذا لم يتموا أربعة حدهم ( قال المزني ) رحمه الله قد قطع في غير موضع بحدهم ‘ .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن حد الزنا مغلظ على سائر الحدود لثلاثة أمور :
أحدها : أنه يفضي إلى إتلاف النفوس .
والثاني : أنه يدخل به تعدي المعرة الفاضحة .
والثالث : أنه يفسد به النسب اللاحق .
ولذلك وجب الحد على القاذف به صيانة للأعراض وحفظا للأنساب ، وتغليظه من وجهين :
أحدهما : في عدد الشهود ، وهم أربعة خص بهم الزنا من جميع الحدود . لقوله تعالى : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ) [ النور : 4 ] .
ولا يوجب الحد بأقل من أربعة عدول لا امرأة فيهم .
والوجه الثاني : تغليظه بالكشف عن حال الشهادة حتى تنتفي عنها الاحتمال من كل وجه ويشمل هذا الكشف على ثلاثة فصول :
أحدها : عن حال الزنا .
والثاني : عن صفته .