الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص225
والوجه الثاني : يصح التحمل والأداء مع تركه ، لأن الشهادة على شهادته ليست من حقوقه ، فلم يعتبر فيه إذنه ، وهذا قول البغداديين .
أحدها : أن يصح تحمله على الشروط المعتبرة فيه ، فإذا أخل بشرط منها لم يصح أداؤه .
والشرط الثاني : أن يكون مقيما على شهادته غير راجع عنها ، فإن رجع عنها قبل الأداء لم يصح أداؤه ، ولو رجع بعد الأداء وقبل الحكم بطل الأداء ، ولو رجع بعد الحكم بالأداء ، لم يبطل الحكم برجوعه .
والشرط الثالث : أن يكون شاهد الأصل غير قادر على أداء الشهادة ، إما لغيبة أو زمانة أو موت ، فإن كان قادرا على أداء الشهادة لم يكن لشاهد الفرع أن يؤديها عنه ، لأن الأصل أقوى من الفرع ، وإذا وجدت القوة في الشهادة لم يجز إسقاطها ، وخالفت الوكالة في جوازها عن الحاضر ، لأن الحاضر قد يضعف عن استيفاء حجته كالغائب .
وخالفت الخبر في جواز قبولها من المخبر مع وجود المخبر عنه ، لأن الخبر يلزم المخبر والمستخبر والشهادة تلزم المشهود عليه دون الشاهد .
فلو شهد شاهد الفرع لغيبة شاهد الأصل أو مرضه ، ثم قدم شاهد الأصل من سفره أو صح من مرضه نظر :
فإن كان بعد نفوذ الحكم بشهادة الفرع لم تسمع شهادة الأصل .
وإن كان قبل نفوذ الحكم بها سمعت شهادة الأصل ولم ينفذ الحكم بشهادة الفرع .
فأما الغيبة التي تجوز معها شهادة الفرع ، فقد اعتبرها أبو حنيفة بمدة القصر وهي مسافة ثلاثة أيام عنده .
واعتبرها أبو يوسف بأن يكون إذا رجع إليها في أول النهار لم يقدر على العود منها قبل الليل إلى وطنه .
وعلى الظاهر من مذهب الشافعي رضي الله عنه أنها معتبرة بلحوق المشقة في عوده ، لأن دخول المشقة على الشاهد يسقط عنه فرض الأداء .