پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص222

والحال الثانية : أن يشهد على الإقرار بالحق ، فهو على ضربين :

أحدهما : أن يسمع إقرار المقر عند الحاكم وهو يقول : ‘ لفلان علي كذا درهم ‘ فيصح تحمل الشاهد لهذا الإقرار من غير أن يسترعيه المقر للشهادة ، ويقول ‘ أشهد علي بهذا ‘ ، لأن العرف في الإقرار عند الحكام أن لا يكون إلا بالحقوق الواجبة فاستغنى بالعرف عن الاسترعاء .

والضرب الثاني : أن لا يسمع إقراره عند غير الحاكم . إما عند الشاهد أو عند غير الشاهد ، فقد اختلف أصحابنا في صفة التحمل للشهادة بهذا الإقرار ، هل يفتقر إلى استرعاء المقر ؟ والاسترعاء أن يقول : أشهد علي أن لفلان علي كذا فيه وجهان :

أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي وطائفة ، أن التحمل للشهادة لا يصح إلا بالاسترعاء بها ، فإن سمع الشاهد الإقرار من غير استرعاء لم يصح تحمله ولم يجز أن يشهد به ، لاحتمال أن يرد بذلك : علي ألف درهم أقرضك إياها ، أو أهبها لك ، فلا يلزمه ما أقر به . فلذلك لم يصح التحمل .

والوجه الثاني : وهو الظاهر من مذهب الشافعي أن تحمل الإقرار صحيح وإن تجرد عن الاسترعاء ، والشهادة به جائزة لتعلق الحكم بالظاهر دون السرائر .

ويجوز على هذا الوجه إذا اختبأ الشاهد حتى سمع إقرار المقر : أن لزيد علي ألفا ، والمقر غير عالم بحضور الشاهد وسماعه ، أن يتحمل هذه الشهادة ويشهد بها على المقر . إلا أن يكون في المقر غفلة تتم بها الحيلة عليه والخداع ، فلا يصح تحمل الشهادة من المختبىء حتى يراه المقر أو يعلم به .

وسوى أبو حنيفة بين ذي الغفلة وغيره في صحة تحمل المختبىء .

والفرق بينهما أولى لتمام الحيلة على الغافل وانتفائها عن الضابط فهذان الوجهان في وجوب الاسترعاء .

والأصح عندي من إطلاق هذين الوجهين أن يعتبر حال الإقرار ، إن اقترن به قول أو أمارة تدل على الوجوب استغنى تحمله عن الاسترعاء ، والقول مثل أن يقول ‘ له علي ألف درهم بحق واجب ‘ .

والأمارة أن يحضر المقر عند الشاهد ليشهد على نفسه فيعلم شاهد الحال أنه إقرار بواجب .