الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص214
ومذهب الشافعي أنها تقبل إذا ردت بالصغر والرق والكفر ، ولا تقبل إذا ردت بالفسق لوقوع الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن حدوث البلوغ والعتق والإسلام يقين ، وحدوث العدالة مظنون .
والثاني : أن الصغر والرق والكفر ظاهر يمنع من سماع الشهادة ، فصارت مردودة بغير حكم . والفسق باطن فصار ردها فيه بحكم .
لو فرق على هذا الفرق بين ردها بالفسق الظاهر فتقبل ، وبين ردها بالفسق الباطن فلا تقبل ، لكان وجها لأن الفسق الظاهر لا يحتاج إلى اجتهاد ، فصار مردودا بغير حكم كالكفر والرق والصغر ، والفسق الباطن يفتقر إلى اجتهاد فصار مردودا بالحكم ، وما نفذ فيه الحكم باجتهاد لم يجز أن ينقض باجتهاد .
ولو دعي الفاسق ، إلى تحمل الشهادة ، فإن كان فسقه ظاهرا لم يلزمه تحملها . وإن كان فسقه باطنا لزمه تحملها ، وهكذا ، لو دعي إلى أداء ما قد تحمله من الشهادة ، ولم يلزمه أداؤه إن كان ظاهر الفسق ، ولزمه أداؤها إن كان باطن الفسق ، لأن رد شهادته بالفسق الظاهر متفق عليه ، وبالفسق الباطن مختلف فيه .
وإذا رد الحاكم شهادة رجل بفسق ، ثم دعي ليشهد بها عند غيره ، لم يلزمه الإجابة ، لأن ردها بالحكم قد أبطلها ، ولو توقف الحاكم عن قبولها للكشف عن عدالته حتى مات ، أو عزل ، ثم دعي ليشهد بها عند غيره ، لزمته الإجابة ، لأنها لم ترد فلم تبطل .
ولو امتنع عن الأداء وقال : ليس الحاكم عندي مستحقا للحكم ، إما لفسق أو جهل . لزمه الأداء ، وليس للشاهد اجتهاد في صحة التقليد وفساده .
وقال أحمد بن حنبل : لا يلزمه أداء الشهادة إذا اعتقد فساد تقليده بفسق أو جهل ، وإنما تلزمه الشهادة عند من يرتضي من الحكام ، كما يلزم الحاكم قبول شهادة من يرتضي من الشهود .