الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص213
وتحريره قياسا ، أن من قبلت شهادته في الجراح ، قبلت في غير الجراح كالقروي .
ولأن أهل البادية أسلم فطرة وأقل حياء ، فكان الصدق فيهم أغلب فاقتضى أن يكونوا بقبول الشهادة أجدر .
وأما الجواب عن الخبر فراويه علي بن مسهر . وهو ضعيف ، وإن صح فهو محمول على أحد وجهين :
إما على الجهل بعدالته لخفاء أحوال أهل البادية ، وإما على بدوي بعينه علم جرحه .
وأما الجواب عن اعتبار العرف . في الإشهاد فهو فاسد بأهل الأمصار والقرى ، فإن العرف جار بأن أهل القرى يشهدون أهل الأمصار ، ولا يشهد أهل الأمصار أهل القرى ، وهذا العرف غير معتبر ، وكذلك في البادية والحاضرة . والله أعلم .
قال الماوردي : وهذه المسألة تشتمل على فصلين : مشتبهين في الصورة مختلفين في الحكم :
فأحدهما : أن يشهد صبي قبل بلوغه ، أو عبد قبل عتقه ، أو نصراني قبل إسلامه بشهادة ، فيردهم الحاكم فيها ، ثم يبلغ الصبي ويعتق العبد ، ويسلم النصراني ، فيشهدوا بتلك الشهادة التي ردوا فيها عند ذلك الحاكم أو عند غيره ، قبلت بعد تقدم الرد .
وقال مالك : لا أقبلها بعد ردها .
والفصل الثاني : ترد شهادة الفاسق ويشهد بها بعد زوال الفسق .
أن يشهد بالغ حر مسلم بشهادة ، فيردها الحاكم بالفسق ، ثم تحسن حاله ويصير عدلا ، فيشهد بتلك الشهادة عند ذلك الحاكم أو عند غيره ، ردت ولم تقبل : وقال أبو ثور وأبو إبراهيم المزني : تقبل ولا ترد .
فسوى مالك بين الفصلين في الرد ، وسوى أبو ثور والمزني بينهما في القبول .