پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص212

وهذا قول فاسد . وشهادته إذا تاب مقبولة بقوله تعالى : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا ) [ النور : 4 ، 5 ] .

وقد وافق مالك على أن شهادة القاذف إذا تاب بعد حده ، أن شهادته مقبولة في القذف وغيره . وكذلك حكم من حد في غيره .

وتحرير هذا الاستدلال قياسا ، أن من قبلت شهادته في غير ما حد فيه ، قبلت فيما حد فيه كالقاذف .

وليس للتعليل بالارتياب وجه ، لأنه لو صح لعم ولم يخص .

ولا دليل فيما روي عن عمر وعثمان ، لتوجهه إلى ما قبل التوبة ، فلم يحمل على ما بعدها والله أعلم .

( [ القول في شهادة أهل القرى والبوادي بعضهم على بعض ] )
( مسألة )

: قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ والقروي على البدوي والبدوي على القروي إذا كانوا عدولا ‘ .

قال الماوردي : إذا كان البدوي عدلا قبلت شهادته على القروي ، كما تقبل شهادة القروي على البدوي .

وقال مالك : أقبل شهادة القروي على البدوي ، ولا أقبل شهادة البدوي على القروي . إلا في الجراح .

استدلالا برواية عطاء بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ لا أقبل شهادة البدوي على صاحب قرية ‘ .

ولأن ما خرج عن العرف ريبة في الشهادة لقوله تعالى : ( ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا ) [ البقرة : 282 ] والعرف جار بأن البدوي يشهد للقروي ، ولم يجر العرف بإشهاد القروي للبدوي ، فصار بخروجه عن العرف متهوما .

ودليلنا أن رسول الله ( ص ) قبل شهادة الأعرابي في هلال رمضان وصام ، وأمر الناس بالصيام .

ولأن اختلاف الأوطان لا تؤثر في قبول الشهادة كأهل الأمصار والقرى .

ولأن الشهادة في الجراح أغلظ منها في الأموال فلما قبلت شهادة البدوي على القروي في الجراح ، كان أولى أن تقبل في غير الجراح .