الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص210
فلا تقدح في الشهادة ، ولا يمنع من قبول الشهادة .
وأما المحظور فنوعان : كذب وفحش .
وهما جرح في قائله ، فأما في منشده ، فإن حكاه إنكارا لم يكن جرحا ، وإن حكاه اختيارا كان جرحا .
فإن تشبب في شعره ووصف امرأة ، فإن لم يعينها لم يقدح في عدالته ، وإن عينها قدح في عدالته .
فأما المكتسب بالشعر ، فإن كان يقتضي إذا مدح ويذم إذا منع ، فهو قدح في عدالته فترد شهادته .
وإن كان لا يقتضي إذا مدح ولا يذم إذا منع وتقبل ما وصله إليه عفوا ، فهو على عدالته وقبول شهادته .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن الأنساب ليست من شروط العدالة فتقبل شهادة ولد الزنا إذا كان عدلا في الزنى وغير الزنى .
وقال مالك رضي الله عنه : لا أقبل شهادته في الزنى وأقبلها في غير الزنى وقال غيره من فقهاء المدينة : لا أقبل شهادته بحال .
استدلالا بما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ ولد الزنى شر الثلاثة ‘ .
وبما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا يدخل الجنة ولد زنية ‘ .
وإذا كان شرا من الزاني ومدفوعا من الجنة ، كان من أهل الكبائر . فلم تقبل شهادته .
وهذا قول فاسد ، لأن الله تعالى لا يؤاخذ أحدا بذنب غيره وهو تعالى يقول : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) [ الأنعام : 164 ] فلم يجز أن يؤاخذ ولد الزاني بذنب أبويه . لأنه ظلم . والله تعالى منزه عن الظلم . وهو تعالى يقول : ( ولا يظلم ربك أحدا ) [ الكهف : 49 ] ولأن عار النسب ربما منعه من ارتكاب العار ، لئلا يصير جامعا بين عارين فصار مزجورا بمعرة نسبه عن معرة كذبه ، فلم يمنع من قبول الشهادة مع ظهور عدالته .