پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص207

وسئل ابن عباس عن أول الناس إسلاما فقال : أبو بكر أنا سمعت قول حسان بن ثابت .

( إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة
فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا )
( خير البرية أتقاها وأعدلها
إلا النبي وأوفاها بما حملا )
( الثاني اثنين والمحمود مشهده
وأول الناس منهم صدق الرسلا )

وحبس عمر رضي الله عنه الحطيئة الشاعر فأرسل إليه من الحبس شعرا يقول فيه :

( ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ
حمر الحواصل لا ماء ولا شجر )
( ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة
فأغفر عليك سلام الله يا عمر )
( أنت الإمام الذي من بعد صاحبه
ألقت عليك مقاليد النهى البشر )
( ما يؤثروك بها إذا قدموك لها
لكن لأنفسهم كانت بك الأثر )

فلما وصل إليه هذا الشعر أطلقه وقال : إن الشعر ليستنزل الكريم .

فإذا كان الشعر في الصحابة بهذه المثابة ، وكان الشعراء منهم بهذه المنزلة ، لم يجز أن يكون جرحا في قائله ولا منشده ، لأنهم لا يأتون منكرا ولا يقرون عليه .

وقد مر الزبير بن العوام في مسجد رسول الله ( ص ) بحسان بن ثابت وهو ينشد شعره أحداثا من الأنصار وهم معرضون عنه ، فقال : أتعرضون عنه وقد كان رسول الله ( ص ) يقبل عليه إذا أنشده فنهض حسان وقبل يد الزبير .

وقيل لسعيد بن المسيب : إن قوما يكرهون إنشاد الشعر في المسجد . فقال : هؤلاء ينسكون نسكا أعجميا .

وروى أبو بكر بن سيف في مختصر المزني عنه ، وقال : سألته أيجوز للرجل أن يتزوج المرأة ويصدقها شعرا ؟ فقال : إن كان كقول الشاعر :

( يود المرء أن يعطى مناه
ويأبى الله إلا ما أرادا )
( يقول المرء فائدتي ومالي
وتقوى الله أفضل ما أفادا )

جاز فدل ما وصفنا ، وإن مع الإطالة بيسير ، أن إنشاء الشعر وإنشاده مباح ، وإنشاء الشعر ما كان من قوله . وإنشاده ما كان من قول غيره .