الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص202
فإن ألب عليه وتعصب فيه كان جرحا ترد به الشهادة ، وإن لم يتجاوز البغض إلى ما سواه كان على عدالته وقبول شهادته ، لأنه قد حمى نفسه من نتائج البغض .
فأما إن كان بغضه لغير سبب ، فإن كان خاصا في واحد بعينه لم ترد به شهادته ، لأنه لا يملك قلبه . وإن كان عاما لكل أحد ، فقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ شر الناس من يبغض الناس ويبغضونه ‘ فيكون ذلك جرحا فيه ، فترد به شهادته لخروجه عن المأمور به من الإلفة إلى المنهى عنه من التقاطع .
فأما المستحبة : فهي في الدين ، لمن خرج عن طاعة الله أو تعرض لمعاصيه . وهذا غضب لله تعالى في حقوق أوامر ونواهيه ، فخرج عن حكم العداوة إلى نصرة الدين فكان أبلغ في عدالته وأولى بقبول شهادته ، لأن من غضب لله في معصية غيره ، كان بدفع المعصية عن نفسه أولى .
وأما المباحة : فهي في حق نفسه إذا بدىء بالعداوة فقابل عليها بما لم يتجاوز فيه حكم الشرع ، فهو مستوف لحقه منه . غير قادح في عدالته ، لقوله تعالى : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) [ النحل : 126 ] .
وشهادته مقبولة على غيره ، فأما قبولها على عدوه فمعتبرة بحاله بعد المقابلة فإن سكن بعد نفوره ، قبلت شهادته وإن كان على نفوره ردت .
وأما المكروهة : فهو أن يبتدىء بها من غير سبب ‘ بوجوبها ‘ ، فيكون بها متجوزا ، فإن قرنها بفحش في قول أو فعل صار بها مجروحا في حق الكافة . لا تقبل شهادته لأحد ولا عليه ، وأن تجردت عن فحش من قول أو فعل فهو على عدالته مقبول الشهادة ، على غيره ومردود الشهادة على عدوه ومقبول الشهادة لعدوه .