الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص201
فأما المحبة لاستحسان الصور ، فإن كانت لهوى يفضي إلى ريبة كرهت وإن كانت لاستحسان صنع الله تعالى وبديع خلقه لم تكره وكانت بالمستحبة أشبه .
أحدهما : أن تكون عصبيته لهم عامة في كل حق وباطل ، وعلى كل محق ومبطل ، فهذا فسق ترد به الشهادة .
وقال الله تعالى : ( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ) [ التوبة : 67 ] .
والضرب الثاني : أن تكون عصبيته لهم مقصورة على أخذ الحق لهم ودفع الظلم عنهم . فيكون بها على عدالته وقبول شهادته ، لقول الله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) [ المائدة : 2 ] .
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال لرجل : ‘ أعن أخاك ظالما أو مظلوما ‘ . فقال الرجل : يا رسول الله : أعينه مظلوما فكيف أعينه ظالما ؟ فقال : ‘ ترده عن ظلمه ‘ .
ثم تعتبر هذه العصبية ، فإن كانت لمحبة القوم فهي مباحة وإن كانت لنصرة الحق فهي مستحبة .
فأما المستحب : فهو بغضه لأهل المعاصي ، فيكون بغضه لهم طاعة يؤجر عليها لاختصاصه بحق الله تعالى .
وأما المباح : فهو بغضه لمن لوى حقه وتظاهر بعداوته فيكون السبب الباعث عليه من أمور الدنيا مباحا ، ولا يؤجر عليه ولا يؤثم به ، وهو فيه على عدالته وقبول شهادته ، وما لم يتجاوز البغض إلى غيره .
وأما المكروه : فهو بغضه لمن خالفه في نسب أو علم أو صناعة فيكون البغض لهذا السبب مكروها لما فيه من التقاطع .