پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص189

وروى الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : كانت عندي جاريتان تغنيان فدخل أبو بكر فقال : أمزمور الشيطان في بيت رسول الله ( ص ) فقال رسول الله ( ص ) : ‘ دعهما فإنها أيام عيد ‘ .

وقال عمر رضي الله عنه : ‘ الغناء زاد المسافر ‘ .

وكان لعثمان جاريتان تغنيان في الليل ، فإذا جاء وقت السحر قال : أمسكا فهذا وقت الاستغفار ، وقام إلى صلاته .

ولأنه لم يزل أهل الحجاز يترخصون فيه ويكثرون منه ، وهم في عصر الصحابة وجلة الفقهاء . فلا ينكرونه عليهم ولا يمنعونهم منه إلا في إحدى حالتين :

إما في الانقطاع إليه ، أو الإكثار منه . كالذي حكي أن عبد الله بن جعفر كان منقطعا إليه ومكثرا منه ، حتى بدد فيه أمواله ، فبلغ ذلك معاوية فقال لعمرو بن العاص : قم بنا إليه ، فقد غلب هواه على شرفه ومروءته ، فلما استأذنا عليه وعنده جواريه ، يغنين فأمرهن بالسكوت ، وأذن لهما في الدخول ، فلما استقر بهما الجلوس قال معاوية : يا عبد الله ، مرهن يرجعن إلى ما كن عليه . فرجعن يغنين ، فطرب معاوية حتى حرك رجليه على السرير ، فقال عمرو : إن من جئت تلحاه أحسن حالا منك فقال معاوية : إليك عني يا عمرو ، فإن الكريم طروب .

وأما أن يكون في الغناء ما يكره كالذي روي عن سفيان بن عيينة ، وقد عاد ابن جامع إلى مكة بأموال جمة حملها من العراق فقال لأصحابه : علام لعطاء ابن جامع هذه الأموال ؟ فقالوا : على الغناء ، قال : ‘ ابن جامع ماذا يقول فيه ‘ ؟ قالوا : يقول :

( أطوف بالبيت مع من يطوف
وأرفع من مئزر السبل )

قال : هي السنة . ثم ماذا يقول ؟ قالوا :

( وأسجد بالليل حتى الصباح
وأتلوا من المحكم المنزل )

قال : أحسن وأصلح ثم ماذا ؟ قالوا :

( عسى فارج الهم عن يوسف
يسخر لي ربه المحمل )

قال : أفسد الخبيث ما أصلح لا سخر الله له .