الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص187
والثاني : إسكارها مع بقاء حلاوتها ، وإسكار غيرها مع حدوث مرارتها . ولا ترد شهادة شاربها كرهت أم لم تكره .
قال الماوردي : اختلف أهل العلم في النرد فحرمها مالك وفسق اللاعب بها وأحلها الحسن البصري ولم يفسق اللاعب بها إذا حافظ على عبادته ومروءته .
ولا يختلف مذهب الشافعي أن النرد أغلظ في المنع من الشطرنج وصرح فيها بالكراهة واختلف أصحابه هل هي كراهة تحريم أم كراهة تنزيه ؟
فذهب بعضهم إلى أنها كراهة تنزيه وتغليظ ، ترد به الشهادة وإن لم تحرم .
وذهب أكثرهم ، وهو الصحيح إلى أنها كراهة تحريم توجب فسق اللاعب بها ورد شهادته .
وروى مالك بن أنس عن موسى بن ميسرة عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله ‘ .
وروي عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ من لعب بالنرد شير فكأنما يغمس يده في لحم الخنزير ودمه ‘ .
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا يقلب كعابها أحد ينتظر ما يأتي به إلا عصى الله ورسوله ‘ .
فصار فرق ما بين النرد والشطرنج في الحكم ، أن الشطرنج لا يحرم ، وفي كراهته وجهان والنرد مكروهة وفي تحريمها وجهان ، والشطرنج لا ترد به الشهادة إذا خلصت وترد بالنرد وإن خلص .
والفرق بينهما في المعنى : أن الشطرنج موضوعة لصحة الفكر وصواب التدبير ونظام السياسة ، فهي صادرة إن ظهر فيها عن حذقة .
والنرد موضوعة إلى ما يأتي به من كعابها وفصوصها ، فهو كالأزلام .
وقيل : إنها موضوعة على البروج الاثنى عشر . والكواكب السبعة ، لأن بيوتها اثنا عشر كالبروج ويقطعها من جانبي الفص سبعة ، كالكواكب السبعة . فعدل بها عن حكم الشرع إلى تدبير الكواكب والبروج .