الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج17-ص186
وحكي عن جعفر بن محمد وطائفة من الشيعة وربما عزي إلى أبي حنيفة أن شرب الفقاع والقارص حرام .
لما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ كل مخمر خمر ‘ .
وروي أن عليا عليه السلام مر على بائع فقاع فقال : من خمار ما أوقحك .
وهذا تأويل انعقد الإجماع على خلافه ووردت السنة برده .
وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ‘ كنا ننبذ لرسول الله ( ص ) على غذائه فيشربه على عشائه ، وننبذ له على عشائه فيشربه على غذائه ‘ .
وقال عمر رضي الله عنه : إنا لنأكل من هذه الأطعمة الغليظة ونشرب عليها من هذه الأنبذة الشديدة فنقطعها في أجوافنا . يعني قبل أن يسكر .
ولأن علة التحريم السكر ، فما لم يسكر لم يحرم كسائر الأشربة .
والاستدلال بالخبر محمول عليه .
ولو كان الفقاع حراما عند علي عليه السلام لأظهر من الإنكار والمنع ما يجب بإظهار المنكر ، ولما اقتصر على هذا القول مع الإقرار عليه .
وأما ما ذكره من المنصف والخليطين ، فقد اختلف في صفتها على قولين :
أحدهما : أن المنصف ما طبخ حتى ذهب نصفه ، والخليطان خليط البسر بالزبيب .
والثاني : أن المنصف ما ينصف من تمر وزبيب والخليطان خليط البسر بالرطب .
وإن كان هذا مسكرا فهو حرام ، وإن لم يسكر ففي كراهته وجهان :
أحدهما : لا يكره كما لا تكره سائر الأشربة التي لا تسكر .
والوجه الثاني : أنه يكره وإن لم يكره غيرها . لورود الشرع بالنهي عنها .
والفرق بينهما وبين غيرها من وجهين :
أحدهما : إسراع الإدراك إليها قبل غيرها .